المقدمه
عند حديثنا عن الثقافة التقليدية الصينية، لا بد أن نذكر شخصا هاما وهو كونفوشيوس. وفي تسعينات القرن الماضي، وضع عالم أمريكي أثناء ترتيبه أهم مائة شخصية مشهورة ذات تأثير كبير على التاريخ البشري وضع كونفوشيوس في المركز الخامس بعد المسيح وساكياموني وشخصين آخرين. أما بالنسبة للصينيين، فإن كونفشيوس هو في المرتبة الأولى، لأن كل شخص قد تأثر بالكونفوشية بدرجات مختلفة وكان هذا الشخص سبب هذا النسيج العقدي الموحد للصينيين الذي أسهم في صياغة وحدة دينية وقومية جعلت مجتمعهم متماسكا في الظروف وأمام التحديات كافة.
الموضوع
ينحدر كونفوشيوس من أسرة أرستقراطية أحاطت بولادته551 ق.م. في ولاية لو في شمال الصين أوهام وأفكار خيالية، تتناقلها القصص في التراث الصيني، منها أن الأشباح أبلغت أمه الشابة مولده غير الشرعي، وكيف كانت الأرواح الإناث تعطر لها الهواء وهي تلده في أحد الكهوف.عاش كونفوشيوس يتيماً، توفي والده وهو ابن ثلاث سنوات، ولم يترك لهم ثروة ينفقوا منها مما اضطر بأمه للعمل للإنفاق عليه واشتهر في صغره بارتداء الأزياء الغريبة والقيام بالطقوس الشعائرية على سبيل اللعب وعندما كبر تزوج وهو في التاسعة عشر من عمره وأنجب من زوجته ولد واختلفت المصادر حول السن الذي هجر فيه بيته إلا أنهم لو يختلفوا حول حقيقة هجره لابنه وزوجته، كان يعمل موظفا في الحكومة ثم اعتزل العمل الحكومي وبعدها أمضى ستة عشر عاما من عمره يعظ الناس متنقلا من مدينة إلى مدينة.وقد التف حوله عدد كبير من الناس، ولما بلغ الخمسين من عمره عاد إلى العمل في الحكومة ولكن استطاع بعض الحاقدين عليه أن يطردوه من الحكومة فترك لهم البلاد كلها، وأمضى بعد ذلك ثلاثة عشر عاما مبشرا متجولا ثم عاد إلى بلدته ليقيم فيها الخمس سنوات المتبقية من عمره وتوفي سنة 479 ق.م . وكثيرا ما وصف بأنه أحد مؤسسي الديانات ولقب أيضا بنبي الصين والحكيم.
وقام بتعلم الموسيقى التي كانت حديثة ذلك الوقت وقد مالَ إلى دراسة الفلسفة مع اشتغاله بأعمال بسيطة، تلقى علومه الفلسفية على يدي أستاذه الفيلسوف "لوتس" صاحب النحلة الطاوية، حيث إنه يدعو إلى القناعة والتسامح المطلق، ولكن كونفوشيوس خالفه فيما بعد داعياً إلى مقابلة السيئة بمثلها وذلك إحقاقاً للعدل.
كان الصينيون قبل كونفوشيوس يعطون للتدوين والكتابة هالة معينة، بحيث لا يكون التدوين إلا لبعض الأمور الطقسية والشعائرية أو لأرشيف الحكومات، ولم يكن التأليف الفردي معتمداً، ولكن كونفوشيوس كان أول من كسر هذا التقليد، وأسند إلى نفسه مهمة الكتابة لتوعية معاصرية بما ينشره من مبادئ وقيم أخلاقية واجتماعية تدور حول شؤون السلطة وإدارة المجتمع، لم يذهب كونفوشيوس باتجاه الحديث عن أمور ما وراء الطبيعية، ولا بحث في نظام الكون وسننه، ولا هو أولى جلّ اهتمامه للبحث في المادة والماديات وظواهر الطبيعية ومظاهرها، وإنما تركز اهتمامه على الإنسان.
كان أول فيلسوف صيني يفلح في إقامة مذهب يتضمن كل التقاليد الصينية عن السلوك الاجتماعي و الأخلاقي . ففلسفته قائمة على القيم الأخلاقية الشخصية و على أن تكون هناك حكومة تخدم الشعب تطبيقاً لمثل أخلاقي أعلى . و قد ظلت هذه الأفكار تتحكم في سلوك الناس أكثر من ألف عام. ومذهبه الكونفوشيوسية هي مذهب فلسفي اجتماعي سياسي ديني، يدين بها أهل الصين وسر نجاح هذا المذهب إلى أنه عكف على مجتمعه باحثا في أزماته وقضاياه التي تمس حياة المواطن من الجوانب كافة، وعاد إلى تراث بلاده،ومن ذلك خرج بأفكاره الإصلاحية التي تنطلق من الإنسان والمجتمع من أجل الإنسان، فكان لأفكاره القبول العام بسبب ذلك.
وقامت دعوته على مرتكزات أهمها التربية والتعليم لتنشئة الأجيال فالتربية عنده يجب أن تغرس الشعور بالمسئولية وروح العمل الجماعي، أما التعليم فيجب أن يكون شاملا. ورسم أنماطا من السلوك المبني على الطبيعة الإنسانية وإمكانيات هذه الطبيعة، لقد توصل كونفوشيوس إلى قناعة مفادها أن مشكلات الشعب تنبع من السلطة الحاكمة التي تمارس من غير مبدأ أخلاقي، ولكن موقفه من المرأة لم يكن إيجابيا فيقول عنها كونفشيوس (احذر لسان المرأة فإنك ستلدغ منه عاجلا أو آجلا واحذر زيارة المرأة إنها ستصيبك إن عاجلا وإن آجلا).
وكونفوشيوس أول من صرّح بوجود العناية الوحدانية بالصين عندما كانت الصين غارقة في ظلمات الوثنية والوحشية بقوله "بأنه ليس في الوجود سوى إله واحد قوي الإرادة هو السماء".
الخاتمه
لكل عصر وزمان شخص لا تطمس ذكراه في بحر النسيان بفضل أعماله التي يقدرها الناس من جهة وينتقدها آخرون ومذهب كونفوشيوس كان له مضامين كثيرة بما فيها العديد من الأشياء التي ما زالت لها قيمة عالية حتى الوقت الحاضر. و قد أصبحت العديد من أحاديثه الواردة من كتاب الحوار أمثالا شائعة لدى الصينيين حتى يومنا هذا. مثلا من أقوال كونفوشيوس إنه من بين ثلاثة أشخاص، يوجد شخص يستطيع أن يعلمن. ويقصد بقوله أن لكل شخص مزية، فيجب على الناس أن يتعلموا من بعضهم.
وأرجوا أن تعلموا أن علم الإنسان محدود فكونشيوس لم يأخذ بجميع قضايا الناس ولم يوزع العدل على الجميع مما يعني أن لا غنى عن ديننا الإسلامي الذي لا مثيل له في
الوجود وتقبلوا فائق الشكر والاحترام.
المراجع
http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%83%D9%88%D9%86%D9
http://arabic.cri.cn/chinaabc/chapte…pter170204.htm
معهد الامارات التعليمي www.ii5ii.uae.com
• هنتجتون، صامويل، صدام الحضارات، ترجمة طلعت الشايب، تقديم د.صلاح قنصوه، القاهرة، سنة 1998.
• الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب المعاصرة، الرياض، الندوة العالمية للشباب الإسلامي، ط2، سنة 1409هـ ـ 1989م.
• السحمراني، أسعد، من قاموس الأديان، الشنتوية، الكونفوشية، دار النفائس، بيروت، الطبعة الأولى، 1420هـ، 1999م