تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » تقرير عن أداب التعامل بين الزوجين

تقرير عن أداب التعامل بين الزوجين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مقدمة :
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .. وبعد
قال تعالى: {ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون} [الذاريات: 49] ،وقال: {سبحان الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون} [يس : 36].
كم هي رائعة السنة الشرعية التي سنها الله في مخلوقاته حتى لكأن الكون كله يعزف نغمًا مزدوجًا. والزواج على الجانب الإنساني رباط وثيق يجمع بين الرجل والمرأة، وتتحقق به السعادة، وتقر به الأعين، إذا روعيت فيه الأحكام الشرعية والآداب الإسلامية. قال تعالى: {ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إمامًا} [الفرقان : 74].
وهو السبيل الشرعي لتكوين الأسرة الصالحة، التي هي نواة الأمة الكبيرة، فالزواج في الشريعة الإسلامية: عقد يجمع بين الرجل والمرأة، يفيد إباحة العشرة بينهما، وتعاونهما في مودة ورحمة، ويبين ما لكليهما من حقوق وما عليهما من واجبات.
وقد وضح الدين الإسلامي آداب التعامل بين الزوجين بأن حدد الحقوق والواجبات اللازمة على كل من الزوج
والزوجة بالمساواة بين الطرفين وبما يتناسب مع الطبيعة التي فطر الله سبحانه وتعالى كلا منهما عليه.

المودة والرحمة :
الزواج لا يكون آية من آيات الله ولا يكون عشا للسعادة ولا مركزا للتربية إلا إذا كان قائما على المودة والرحمة، أما المودة فهي أعلى درجات الحب ولا تكون كذلك إلا إذا كانت قائمة على غير المصالح الشخصية، والحياة الزوجية تحتاج للمودة من الزوجين وخاصة من الزوجة تجاه زوجها ومن هنا وجه النبي صلى الله عليه وسلم الباحثين عن زوجة بقوله ( تزوجوا الودود الولود) ، وكلما كان أحد الزوجين أكثر حبا للآخر كان أكثر ودا لشريك حياته، ومن هنا كان أهل الجنة قد جعل الله لهم عنده ودا.

والمودة فيها جانب مرتبط بطبيعة الإنسان لكن الجانب الأكبر والأعم والأغلب منها مكتسب ويمكن التطبع به لأنه مرتبط بكلام طيب من اللسان والمعاملة الطيبة .

أما الرحمة فهي بالدرجة الثانية بعد المودة ، لكن الرحمة قد توجد وإن لم يكن الود موجودا وكما قيل : ليس كل البيوت قائمة على الحب، والرحمة صفة مرتبطة بإنسانية الإنسان ومرتبطة بأخلاقه التي جبل عليها والتي راض نفسه عليها ودربها عليه.

ويمكن تحقيق المودة والرحمة بين الزوجين من خلال تربيتهما النظرية والعملية عليهما ومن خلال الأسوة الحسنة ومن خلال ربط حياتهما بطاعة الله تعالى وجعله سبحانه الحكم بينهما عبر الكتاب والسنة .[1]

الحقوق المتبادلة بين الزوجين :

أوجب الإسلام على الزوج حقوقاً تجاه زوجته ، وكذا العكس ، ومن الحقوق الواجبة ما هو مشترك بين الزوجين وقد وضحها في القرآن الكريم وسيرة النبي الكريم .

حقوق الزوجة الخاصة بها : [2]
1. الحقوق الماليَّة :
أ – المهر : هو المال الذي تستحقه الزوجة على زوجها بالعقد عليها أو بالدخول بها ، وهو حق واجب للمرأة على الرجل ، قال تعالى : { وآتوا النساء صدقاتهن نحلة } ، وفي تشريع المهر إظهار لخطر هذا العقد ومكانته ، وإعزاز للمرأة وإكراما لها .
والمهر ليس شرطا في عقد الزواج ولا ركنا عند جمهور الفقهاء ، وإنما هو أثر من آثاره المترتبة عليه ، فإذا تم العقد بدون ذكر مهر صح باتفاق الجمهور .
ب – النفقة : وقد أجمع علماء الإسلام على وجوب نفقات الزوجات على أزواجهن بشرط تمكين المرأة نفسها لزوجها ، فإن امتنعت منه أو نشزت لم تستحق النفقة .
والحكمة في وجوب النفقة لها : أن المرأة محبوسة على الزوج بمقتضى عقد الزواج ، ممنوعة من الخروج من بيت الزوجية إلا بإذن منه للاكتساب ، فكان عليه أن ينفق عليها ، وعليه كفايتها ، وكذا هي مقابل الاستمتاع وتمكين نفسها له .
والمقصود بالنفقة : توفير ما تحتاج إليه الزوجة من طعام ، ومسكن ، فتجب لها هذه الأشياء وإن كانت غنية ، لقوله تعالى : ( وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف ) البقرة/233 ، وقال عز وجل : ( لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله ) الطلاق/7 .
وفي السنة :
وعن جابر : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في خطبة حجة الوداع : " فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ، ولكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه ، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح ، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف " . رواه مسلم ( 1218 )
ج. السكنى : وهو من حقوق الزوجة ، وهو أن يهيئ لها زوجُها مسكناً على قدر سعته وقدرته ، قال الله تعالى : ( أسكنوهنَّ من حيث سكنتم مِن وُجدكم ) الطلاق/6.

2. الحقوق غير الماليَّة :
أ. العدل بين الزوجات : من حق الزوجة على زوجها العدل بالتسوية بينها وبين غيرها من زوجاته ، إن كان له زوجات ، في المبيت والنفقة والكسوة .
ب. حسن العشرة : ويجب على الزوج تحسين خلقه مع زوجته والرفق بها ، وتقديم ما يمكن تقديمه إليها مما يؤلف قلبها ، لقوله تعالى : ( وعاشروهن بالمعروف ) النساء/19 ، وقوله : ( ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف ) البقرة/228.
وفي السنَّة : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " استوصوا بالنساء " . رواه البخاري ( 3153 ) ومسلم ( 1468 ) .
عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي جالسا فيقرأ وهو جالس فإذا بقي من قراءته نحو من ثلاثين أو أربعين آية قام فقرأها وهو قائم ثم يركع ثم سجد يفعل في الركعة الثانية مثل ذلك فإذا قضى صلاته نظر فإن كنت يقظى تحدث معي وإن كنت نائمة اضطجع . رواه البخاري ( 1068 ) .
ج. عدم الإضرار بالزوجة : وهذا من أصول الإسلام ، وإذا كان إيقاع الضرر محرما على الأجانب فأن يكون محرما إيقاعه على الزوجة أولى وأحرى .
عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى " أن لا ضرر ولا ضرار " رواه ابن ماجه ( 2340 ) . والحديث : صححه الإمام أحمد والحاكم وابن الصلاح وغيرهم .
انظر : " خلاصة البدر المنير " ( 2 / 438 ) .
ومن الأشياء التي نبَّه عليها الشارع في هذه المسألة : عدم جواز الضرب المبرح.
عن جابر بن عبد الله قال : قال صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع : " فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف " .
رواه مسلم ( 1218 ) .

حقوق الزوج على زوجته :
وحقوق الزوج على الزوجة من أعظم الحقوق ، بل إن حقه عليها أعظم من حقها عليه لقول الله تعالى : ( ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة ) البقرة/228.
ومن هذه الحقوق :
أ – وجوب الطاعة : جعل الله الرجل قوَّاماً على المرأة بالأمر والتوجيه والرعاية ، كما يقوم الولاة على الرعية ، بما خصه الله به الرجل من خصائص جسمية وعقلية ، وبما أوجب عليه من واجبات مالية ، قال تعالى : ( الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم ) النساء/34 .
قال ابن كثير :
وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس { الرجال قوامون على النساء } يعني : أمراء عليهن ، أي : تطيعه فيما أمرها الله به من طاعته ، وطاعته أن تكون محسنة لأهله حافظة لماله .
وكذا قال مقاتل والسدي والضحاك . " تفسير ابن كثير " ( 1 / 492 ) .

ب – تمكين الزوج من الاستمتاع : مِن حق الزوج على زوجته تمكينه من الاستمتاع ، إلا أن تكون معذورة بعذر شرعي كالحيض وصوم الفرض والمرض وما شابه ذلك .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح " رواه البخاري ( 3065 ) ومسلم ( 1445 ) .

ج – عدم الإذن لمن يكره الزوج دخوله : ومن حق الزوج على زوجته ألا تدخل بيته أحدا يكرهه .
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه ، ولا تأذن في بيته إلا بإذنه ، …." . رواه البخاري ( 4899 ) ومسلم ( 1026 ) .

د – عدم الخروج من البيت إلا بإذن الزوج : من حق الزوج على زوجته ألا تخرج من البيت إلا بإذنه .
وقال الشافعية والحنابلة : ليس لها الخروج لعيادة أبيها المريض إلا بإذن الزوج ، وله منعها من ذلك .. ؛ لأن طاعة الزوج واجبة ، فلا يجوز ترك الواجب بما ليس بواجب .

هـ – التأديب : للزوج تأديب زوجته عند عصيانها أمره بالمعروف لا بالمعصية ؛ لأن الله تعالى أمر بتأديب النساء بالهجر والضرب عند عدم طاعتهن .
وقد ذكر الحنفية أربعة مواضع يجوز فيها للزوج تأديب زوجته بالضرب ، منها : ترك الزينة إذا أراد الزينة، ومنها : ترك الإجابة إذا دعاها إلى الفراش وهي طاهرة ، ومنها : ترك الصلاة ، ومنها : الخروج من البيت بغير إذنه .
ومن الأدلة على جواز التأديب :
قوله تعالى : ( واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن ) النساء/34 .
و- خدمة الزوجة لزوجها : والأدلة في ذلك كثيرة ، وقد سبق بعضها .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
وتجب خدمة زوجها بالمعروف من مثلها لمثله ويتنوع ذلك بتنوع الأحوال فخدمة البدوية ليست كخدمة القروية وخدمة القوية ليست كخدمة الضعيفة .
" الفتاوى الكبرى " ( 4 / 561 ) .
ح- معاشرة الزوجة لزوجها بالمعروف : وذلك لقوله تعالى ( ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف ) البقرة/228 .
قال القرطبي :
وعنه – أي : عن ابن عباس – أيضا أي : لهن من حسن الصحبة والعشرة بالمعروف على أزواجهن مثل الذي عليهن من الطاعة فيما أوجبه عليهن لأزواجهن .
وقيل : إن لهن على أزواجهن ترك مضارتهن كما كان ذلك عليهن لأزواجهن قاله الطبري .
وقال ابن زيد : تتقون الله فيهن كما عليهن أن يتقين الله عز وجل فيكم .
والمعنى متقارب والآية تعم جميع ذلك من حقوق الزوجية .
" تفسير القرطبي " ( 3 / 123 ، 124 ) .

الخاتمة :

شرع الله سبحانه الأحكام التي تحرض على الزواج و تنظم أموره وتضع الأسس للمعاملة بين الزوجين ، كما وحدد سبحانه الحقوق والواجبات المفروضة على كل منهما لما في إتباع ذلك من إيجاد للمودة و حسن العشرة بين الزوجين والذي تستمر به الحياة .ذلك كما أننا نرى المشاكل والخلافات بين الأزواج التي تنتج بسبب تقصير كل منهم في حق الآخر وما ينجم عن ذلك من شقاق وجفاء بين الزوجين ينتج عنه تفكك للأسرة وقد يصل للطلاق .

المراجع :

1 . كتاب أسئلة وأجوبة في التعامل بين الأزواج للشيخ محمد صالح المنجد .
2 . موقع إسلام اون لاين

م/ن للفائده

موفقين ان شاء الله

سبحان الله و بحمده

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.