الســـــلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إليكمــ احبتي تقرير عن اداب الرحالات
موفقين ان شاء الله
م
المقدمة
شهدت الحضارة الاسلامية وفي ذروتها، رحلات لادباء وعلماء وجغرافيين
غادروا ديارهم وجازفوا بارواحهم ليسيروا في اطراف الارض واكنافها ليكشفوا عن المجهول، خدمة للعلم والمعرفة. فالكتب التي الفها ابن جبير وابن بطوطة وياقوت الحموي والادريسي وابوريحان البيروني وناصر خسرو البلخي وسعدي الشيرازي ليست الا النزر اليسير من الكثير.
اذ تحوي كتب هؤلاء الرحالة، علي معلومات جغرافية وتاريخية وسوسيولوجية وادبية لم تستغني عنها اليوم اية مؤسسة علمية او موسوعة جغرافية في العالم بسبب دقتها واهميتها العلمية.
لاشك بان الحضارة المتقدمة والمزدهرة هي التي تنتج مثل هؤلاء الرحالة والعلماء والادباء حيث انمحي اثرهم عقب الانحطاط التي اصاب الحضارة العربية ــ الاسلامية.
سأتحدث اليوم في تقرير هذا عن أدب الرحلات ، اتمنى أن ينال على رضاكم .
الموضوع
لعله من أكثر المصطلحات التي يمكن أن نعتبرها "فضفاضة" إلى حد كبير هو مصطلح "أدب الرحلات" فهو يحوي موضوعين كبيرين هما: الأدب من جهة.. والرحلة من جهة أخرى.. وهو يثير العديد من التساؤلات حول ماهيته وأشكاله وأهدافه وأنواعه… إلخ.
وإذا بدأنا من البداية من كلمة فأعتقد أنه ليس من قبيل المبالغة أن نقول إن الرحلة هي قدر الإنسان.. فمن العدم إلى الوجود كانت رحلة آدم الأولى.. ومن الجنة إلى الأرض كانت رحلة آدم وحواء الأولى.. ومنذ ذلك التاريخ السحيق لم تتوقف رحلات البشر.
تعددت الرحلات بتعدد أهدافها.. ووسائلها، فبالنسبة للوسائل كانت هناك رحلات برية ورحلات بحرية، وحديثاً رحلات جوية وفضائية.. وبالنسبة للأغراض هناك رحلات مقدسة أو دينية ورحلات تجارية ورحلات علمية.. ورحلات ترفيهية.
فمن أشهر الرحلات المقدسة رحلة بحرية، وهي التي قام بها النبي نوح – عليه السلام – وأتباعه من المؤمنين في سفينة أنقذت البشرية من الفناء بالطوفان.. ورحلة بحرية أخرى تلك التي قام بها النبي يونس – عليه السلام – في سفينة.. واكتملت أحداثها في أعماق البحر عندما ابتلعه الحوت.. وتوجت بعودته مرة أخرى .
ومن الرحلات المقدسة/ البرية.. رحلة سيدنا إبراهيم – عليه السلام – وزوجته سارة إلى مصر.. ورحلة سيدنا إبراهيم – عليه السلام – وزوجته هاجر وطفلهما إسماعيل إلى مكة.. ورحلات سيدنا موسى – عليه السلام – وحده من مصر وإليها ثم مع اليهود.. ورحلة سيدنا عيسى – عليه السلام – وأمه مريم البتول إلى مصر.. ورحلة سيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم – من مكة إلى المدينة (الهجرة)، فكل الأنبياء أُخرجوا من ديارهم.. وكل هذه الرحلات المقدسة وغيرها مسجلة في الكتب المنزلة .
ومن أشهر وأقدم الرحلات التجارية/ البحرية.. تلك القافلة من السفن التي أرسلتها الملكة المصرية حتشبسوت إلى بلاد بنت (الصومال حالياً)، وأهمية هذه الرحلة أنها كانت سلمية وهي مسجلة على جدران المعابد.
ومن أقدم الرحلات العلمية الشهيرة رحلة "هيرودوتس" الملقب بأبي التاريخ إلى مصر.. وقد سجلها في كتاب يُعَدُّ من أقدم المراجع التاريخية.
وإذا بدأنا بتعداد الرحلات الهامة، والرحلات الشهيرة، والرحلات الغريبة أو المثيرة.. فلن ننتهي أبداً.
لذلك فلننتقل إلى نقطة أخرى.. ما أهمية الرحلات؟ ما أهمية أن تسافر؟ يمكن أن تتعدد الإجابات أيضاً.. وكل الإجابات صحيحة.. فالفيلسوف الإنجليزي فرنسيس بيكون يقول: إن السفر تعليم للصغير وخبرة للكبير، والشيخ حسن العطار يرى أن السفر مرآة الأعاجيب وقسطاس التجاريب، والأديب الفرنسي سافراي يقول إن الرحلات تشكل أكثر المدارس تثقيفاً للإنسان..
والرحالة الشهير أبو الحسن المسعودي يقول: ليس من لزم جهة وطنه وقنع بما نمى إليه من الأخبار من إقليمه كمن قسم عمره على قطع الأقطار.. ووزع بين أيامه تقاذف الأسفار واستخرج كل دقيق من معدنه، وإثارة كل نفيس من مكمنه.
ويدعو الشاعر الإنجليزي ت. س إليوت كل البشر هاتفاً: ارتحلوا.. انطلقوا أيها الرحالة.. فأنتم لستم نفس الأشخاص عند بدء الرحلة!!
ويقول الإمام الشافعي:
سافرْ تَجِدْ عِوَضــاً عَمَّنْ تُفَارِقُهُ وَانْصَبْ فإنَّ لَذِيذَ العيشِ في النَّصَبِ
إنِّـي رأيتُ وُقُوفَ المــاءِ يُفْسِدُهُ إنْ سَالَ طَابَ وإنْ لم يَجْرِ لـم يَطِبِ
والشمسُ لَوْ وَقَفَتْ في الْفُلْكِ دائمةً لَمَلَّهَا النــاسُ مِنْ عَجَمٍ ومِن عُرْبِ
وفوق كل ذلك يقول المولى عز وجل: "قُلْ سِيْرُوْا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقُ"، ويقول سبحانه: "فَسِيْرُوْا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبةُ الْمُكَذِّبِيْنَ" ويقول سبحانه: "هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِها وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُوْرُ".
وإذا كان الله سبحانه وتعالى جعلنا شعوباً وقبائل لنتعارف، فإن هذا التعارف يكون بالرحلة.. بالانتقال من مكان لمكان يلتقي الناس ببعضهم البعض..
فنحن نسافر لنعرف أكثر.. وهذا ينطبق على الرحلات العلمية والجغرافية (هيرودوت – الإدريسي – المسعودي – داروين مثلاً)، ونحن نسافر لنربح أموالاً أكثر.. وهذا ينطبق على الرحلات التجارية.. ونحن نسافر لنضم إلينا أرضًا أكثر.. وهذا ينطبق على الرحلات الكشفية (كولومبس – فاسكو دجاما مثلاً)، ونحن نسافر لنقترب إلى الله أكثر (رحلات الحج والعمرة)، ونحن نسافر لنستمتع بحياتنا ونجددها (الرحلات السياحية).
نسافر لكل هذه الأسباب وغيرها.. لكن المهم أننا نفعلها دائماً أفراداً وجماعات لأسباب مختلفة.
تجولنا بسرعة مع كلمة رحلة.. أما الأدب فلا يَقِلُّ عن كلمة الرحلة اتساعاً بل غموضاً أيضاً.. فالأدب شعر ونثر.. فصحى وعامية.. والأدب ملاحم وأساطير ومسرحيات وقصص وروايات وأقاصيص وحواديت.. والأدب قبل كل هذا وبعده هو خلاصة التجربة الإنسانية معبراً عنها بشكل جمالي، أما هذا المعنى العام فتفصيلاته تخضع لكل التقسيمات التي أشرنا إليها.
وعندما نربط بين الرحلة التي هي قدر الإنسان في رأينا.. والأدب.. تتوالى أسئلة كثيرة عن آداب الرحلة.. وعن أدب الرحلة.. وعن أهم الرحلات.. وأنواع الرحلات كأدب وغير ذلك من الأسئلة التي سنعمل على التواصل معها.
الخاتمة
كان أدب الرحلة قد عرف نقلة نوعية حين قدّمه ستيفنسن وديفو وملفيل وكونراد تحت خانة أدب المغامرة، وأضفى عليه جول فرن صبغة علمية أو بالأحرى خيالية علمية، كما تحوّلت هذه الرحلات إلى مادة غنيّة لأدب الفتيان والأطفال… اليوم يقال إنّ هذا الأدب فقد سحره بعد التطوّر التكنولوجي الهائل وتطوّر خدمات الأقمار الصناعية وشبكات الانترنت وغوغل إيرث أبرزها، في فتح آفاق العالم أمام الجميع… هذه مقولة مطروحة للنقاش لأنّ آخرين يدحضونها ويرون أن توق الإنسان إلى الترحال ما زال قائماً بل متّقداً نحو أماكن تعرّضت لتغييرات اجتماعية وسياسية وحتى جيولوجية ونحو الفضاء كمثال بديهي، حيث يُنتظر أن يعود كلّ رائد فضاء وسائح فضائي بكتاب لن يكون إلا إضافة إلى أدب الرحلة الجديد. كما يطرح آخرون أدب رحلةٍ مقترناً بمتصفّحي الانترنت والرحالة الافتراضيين والرحّالة المقتدين بشبكة النتّ بدل البوصلة والخريطة الورقية، ليس لاكتشاف المجاهل الجغرافية كما في الماضي بل لإعادة قراءتها وتلمس تغييراتها… فهل سيكون للعرب مكان في أدب الرحلة الجديد أم سينتظرون عشرة قرون جديدة كي يقولوا كلمتهم؟ لا يبدو أن السويدي والجراح يملكان كلّ هذا الصبر.
المراجع
1- مجلة عالم الفكر – المجلد الثالث عشر – العدد الرابع -1983
3- غسطس 2024 مجلة " أهلا وسهلا ".* ٩ نيسان (أبريل) ٢٠٠٧ ، بقلم الدكتور يوسف وغليسي
4- جريدة (الزمان) — العدد 1636 — التاريخ 2024 – 10 -15