وصف الله أوليائه في كتابه فقال : {ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون * الذين آمنوا وكانوا يتقون }يونس ( 62 – 63) ، فوصفهم سبحانه بهذين الوصفين الإيمان والتقوى ، وهما ركنا الولاية الشرعية ، فكل مؤمن تقي فهو لله ولي ، وهذا يعني أن الباب مفتوح أمام من يريد أن يبلغ هذه المنزلة العلية والرتبة السنية ، وذلك بالمواظبة على طاعة الله في كل حال ، وإخلاص العمل له ، ومتابعة رسوله – صلى الله عليه وسلم – في الدقيق والجليل .
يقول الشوكاني : " المعيار الذي تعرف به صحة الولاية ، هو أن يكون عاملاً بكتاب الله سبحانه وبسنة رسوله- صلى الله عليه وسلم – مؤثراً لهما على كل شيء ، مقدماً لهما في إصداره وإيراده ، وفي كل شؤونه ،فإذا زاغ عنهما زاغت عنه ولايته " ، وبذلك نعلم أن طريق الولاية الشرعي ليس سوى محبة الله وطاعته واتباع رسوله – صلى الله عليه وسلم – ، وأن كل من ادعي ولاية الله ومحبته بغير هذا الطريق ، فهو كاذب في دعواه .
تعريف الولي وصفات الاولياء
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم فيما يرويه عن الله تبارك و تعالى " من عادى لي ولياً فقد ءاذنته بالحرب و ما تقرب إلي عبدي بشىءٍ أحب إلي مما افترضت عليه و لا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به و بصره الذي يبصر به و يده التي يبطش بها و رجله التي يمشي بها"، هذا الحديث أخرجه الإمام البخاري رضي الله عنه. و الولي هو الذي أدى الواجبات و اجتنب المحرمات و أكثر من النوافل فالطبقة العليا من المؤمنين بعد الأنبياء بالنسبة إلى البشر و الجن هم الاولياء ثم سائر المؤمنين أما الملائكة فكلهم أولياء الله و إن كانوا على درجات فيما بينهم و أكبر الأولياء في البشر و أعلاهم درجة هم أولياء الصحابة و أولياء أمة محمد صلى الله عليه و سلم هم الذين عناهم الله بقوله في سورة براءة :{ وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَ الأَنصَارِ و َالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}، و هؤلاء الأولياء لا ينقطعون في أمة محمد صلى الله عليه و سلم إلى يوم القيامة. ثم إن من كرامات الأولياء أي مما يكرمهم الله به في الدنيا إجابة الدعوة و تكثير القليل من الطعام و عدم التأثر بالسم القاتل و عدم الإحتراق بالنار، أما إحابة الدعوة فهي كثيرة كان سعد ابن أبي وقاص و هو المسمى سعد ابن مالك المكي القرشي أحد العشرة المبشرين بالجنة كان مجاب الدعوة إن دعا لشخص أصابته تلك الدعوة و إن دعا على شخص ظالم أصابته تلك الدعوة و ذلك أن رسول الله صلى الله عليه و سلم دعا لسعد ابن أبي وقاص قال:" اللهم أجب دعوته"، فكانت دعوته مسجابة
—-
من ذلك ما رواه قيس ابن أبي حازم و كان من أكابر التابعين الذين اجتمعوا بالصحابة قال: كنت في المدينة أطوف في السوق حتى بلغت أحجار الزيت فلقيت أناساً مجتمعين و إذا برجل راكباً دابة بينهم فجاء سعد ابن أبي وقاص فقال: ما هذا؟، فقالوا: هذا رجل يشتم علي ابن أبي طالب، فتقدم إليه فأفرجوا له فقال سعدٌ: يا هذا علام تشتم علي ابن أبي طالب، ألم تعلم أنه أول من أسلم، ألم تعلم أنه أول من صلى مع رسول الله و ذكر حتى قال ألم تعلم أنه ختن رسول الله أي صهر رسول الله صلى الله عليه و سلم، ألم تعلم أنه صاحب راية رسول الله في غزواته ثم استقبل القبلة و رفع يديه فقال: اللهم إن كان هذا يشتم ولياً من أولياءك فلا تفرق هذا الجمع حتى تريهم قدرتك. فساخت به دابته فوقع على هامته على تلك الأحجار فانفلق دماغه فمات. ثم بعد ذلك ذكر له أن رجلاً من الحكام الجائرين أي الظالمين قال في بيت مال المسلمين " إن هذه أموالنا نفعل بها ما نشاء و نمنع عنها من نشاء" فقام سعد ليدعو عليه فنزل ذلك الرجل خوفاً من أن يدعو عليه فتصيبه دعوته فيهلك فقال: إنما هي أموال الله، تراجع . و كان هو أحد ولاة بني أمية الجائرين الظالمين الذين يستبدون ببيت مال المسلمين فيعطون من يواليهم و يمنعون عن كثير ممن يستحقون. و هكذا ينتقم الله تعالى ممن يشاء ممن يؤذي أولياءه و ينتهك حرمهم و هذا الذي يؤذي الأولياء لا يأمن أن يصيبه الله تعالى قبل موته بمصيبة تقصم ظهره جزاءً له على فعله، ثم يعلم من هذا الحديث الصحيح أن أكابر أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم هم المهاجرون الأولون لم يكن بينهم حقد و عداوة بل كان كل واحد منهم يعرف الفضل لأخيه الذي يجمعه به صحبته رسول الله صلى الله عليه و سلم. و كان أحد فقهاء اليمن سليط اللسان على بعض الفقهاء المعتبرين من الأولياء الكبار و هذا الفقيه الولي الإمام هو الفقيه المشهور محي الدين النووي و كان هذا اليمني يؤذي النووي فلما مات اليمني و اسمه كمال الذين اندلع لسانه بشكل بشع و جاء شىء يشبه الهرة فاقتطع لسانه و ذهب به و اختفى هذا بعض ما جازاه الله تعالى به قبل أن يغيب إلى بطن الأرض .
<>
<> فالحذر الحذر من القدح و الطعن في واحد من السابقين الأولين من المهاجرين أو الأنصار و الأنصار هم أهل المدينة الذين نصروا رسول الله صلى الله عليه و سلم فسماهم الله تعالى بهذا الأسم الشريف الأنصار و هو اسم لم يكن لهم قبل الإسلام إنما الإسلام شرفهم به كذلك ليحذر المؤمن المشفق على نفسه من التعرض لمعاداة أي ولي من أولياء الله و سعد ابن أبي وقاص هو أفضل المؤمنين بعد الخلفاء الراشدين من الطبقة العليا أما أبو هريرة فلا يعد من السابقين الأولين لكنه يعد من علماء الصحابة و من الذين كان لهم حظ وافر من حب الله و رسوله و قد أدرك مع رسول الله صلى الله عليه و سلم صحبة ثلاث سنوات لازمه فيها فأخذ من العلم الكثير الكثير لأنه كان متفرغاً لم يكن متزوجاً و لم يكن يشغله أهل و لا مال فلم يكن يمتهن مهنة و لا كان له ابن يشغله و لا أهل تقطعه خدمتهم عن ملازمة رسول الله صلى الله عليه و سلم فجمع في هذه السنوات من علم رسول الله صلى الله عليه و سلم ما لم يجمعه كثير من الذين لازموا رسول الله صلى الله عليه و سلم أكثر من عشر سنوات و الله تعالى هو ذو الفضل و المن كما قال رسول الله صلى الله عليه و سلم في بعض دعواته " لا مانع لما أعطيت و لا معطي لما منعت"، فمن علامات المقت أن يجعل الإنسان همه الطعن بهؤلاء الأولياء الأبرار الأطهار. و الهجرة الى رسول الله صلى الله عليه و سلم لها مكانة عالية عند الله. كان رجل من أصحاب رسول الله قد هاجر هو و صاحب له من بلادهما و تسمى دوس إلى المدينة المنورة بعدما هاجر إليها رسول الله صلى الله عليه و سلم بمدة تركا وطنهما حباً في الله و رسوله و اغتربا إلى مدينة رسول الله صلى الله عليه و سلم و كان أحد الرجلين أصابه مرض ثم اشتد عليه الألم فأخذ حديدة فقطع مفاصل يديه فصار الدم يشخب فمات بنزيف الدم ثم رءاه رفيقه المهاجر في الرؤيا برؤية حسنة لم يره برؤية سيئة فقال له ما فعل بك ربك؟ قال: غفر لي بهجرتي إلى النبي صلى الله عليه و سلم فإذا كان هذا حال هذا المهاجر الذي فعل أكبر الجرائم بعد الكفر بالله فكيف يكون المهاجرون السابقون الأولون، إذا كان الله تبارك و تعالى شبه غيبة الرجل المسلم من غير سبب شرعي من غير تقييد بالصالحين الأولياء بالأكل من لحم أخيه ميتاً فما يكون الذي يغتاب أبا بكر أو عمر أو عثمان أو علي أو أبا هريرة أو سعد ابن مالك أو غيرهم من الصحابة الكرام أليس هذا بذنب و معصية شنيعة، الله تعالى عظم حرمة المؤمن فقد ورد بالإسناد الصحيح أن حرمة المؤمن عند الله تعالى أعظم من حرمة الكعبة و أما غيبة الأتقياء الصالحين فمعصية كبيرة من أكثر منها و لم يتب يكون من أهل عذاب القبر فما أعظم خبث من يعادي واحداً من السابقين الأولين من المهاجرين و الأنصار و الذين اتبعوهم بإحسان و ما أجهل من أقدم على الطعن فيمن زكاهم الله تعالى. اللهم حببنا بأوليائك و حبب أولياءك بنا و توفنا على كامل الإيمان و ءاخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
هذي ايات عن اولياء الله تعالى تدل على صفاتهم
قال الله تعالى :
{ الله وَلِيُّ الَّذِينَ ءَامَنُوا يُخْرِجُهُم مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ اُولئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } ( البقرة /257)
——————————————————————————————————————————-
وقال سبحانه :
{ حُنَفَــآءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِــهِ وَمَـن يُشْــرِكْ بِالله فَكَاَنَّمَــا خَـرَّ
مِــنَ السَّمآءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْــرُ أَوْ تَهْوي بِهِ الرِّيـحُ فِي مَكَانٍ سَحِيـقٍ } ( الحج / 31 )
—————————————————————————————————-
وقال سبحانه :
{ إِنَّ وَلِيِّـــيَ الله الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلّى الصَّالِحِيـــنَ } ( الاعراف / 196 )
——————————————————————————————————–
ونهى الله من ولاية الكفار ، حيث قال سبحانه :
{ يَــآ أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُـــوا لاَ تَتَوَلَّــوْا قَوْمـاً غَضِبَ الله عَلَيْهِــمْ } ( الممتحنة / 13