وزارة التربية والتعليم والشباب
منطقة الفجيرة التعليمية
مدرسة السيجي للتعليم الأساسي والثانوي للبنات
المادة :التربية الإسلامية
تقرير بعنوان :
الكسب الطيب
مقدم من الطالبة:
الحباري
مقدم إلى المعلمة :
المحبوبة
2024م2017م
المقدمة :
إنّ الحمد لله، نحمده و نستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه.
أما بعد..
فإن الله تبارك وتعالى قد نزّل أحسن الحديث كتابا، " اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِهاً مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ " (الزمر:23). فإذا كان هذا القرآن العظيم هو أحسن الحديث، أقدم لكم تقريري و أرجو أن ينال إعجابكم.
السبب :
لقد اختر هذا لأنه يكسبني الأجر والثواب ولكي أعلم بما هو حلال وحرام ولكي أعلم أنم الله شرعه بما هو خير وشر لكل مسلم .
نبذه عن الموضوع:
أهمية كسب الرزق الحلال وطلب العيش الطيب وفضله, والأمر به. 2- ارتباط نزاهة اليد واللسان والقلب بالإيمان. 3- التحذير من الكسب الخبيث وأثره على الفرد والمجتمع. 4- أهمية الورع وترك المشتبه وحال السلف في ذلك.
أما بعد: فاتقوا الله أيها الناس، اتقوه في أنفسكم وأهليكم، اتقوه في أعمالكم وأموالكم، اتقوه فيما تأكلون وما تدخرون: يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِى ٱلأرْضِ حَلَـٰلاً طَيّباً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوٰتِ ٱلشَّيْطَـٰنِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ [البقرة:168].
عباد الله، كسب الرزق وطلب العيش شيء مأمور به شرعاً، مندفعة إليه النفوس طبعاً، فالله قد جعل النهار معاشاً، وجعل للناس فيه سبحاً طويلاً. أمرهم بالمشي في مناكب الأرض ليأكلوا من رزقه. وقَرَنَ في كتابه بين المجاهدين في سبيله والذين يضربون في الأرض يبتغون من فضله، يَضْرِبُونَ فِى ٱلأرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ ٱللَّهِ وَءاخَرُونَ يُقَـٰتِلُونَ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ فَٱقْرَءواْ مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ [المزمل:20]. وأخبر عليه الصلاة والسلام أنه: ((ما أكل أحد طعاماً خيراً من أن يأكل من عمل يده، وإن نبي الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده)) رواه البخاري[1]، ولقد قال بعض السلف: إن من الذنوب ذنوباً لا يكفرها إلا الهمُّ في طلب المعيشة. وفي أخبار عيسى عليه السلام أنه رأى رجلاً فقال: ما تصنع؟ قال: أتعبد. قال: ومن يعولك؟ قال: أخي. قال: وأين أخوك؟ قال: في مزرعة. قال: أخوك أعبد لله منك.
وعندنا ـ أهلَ الإسلام ـ ليست العبادة أن تَصُفَّ قدميك، وغيرك يسعى في قوتك؛ ولكن ابدأ برغيفيك فأحرزهما ثم تعبد.
والاستغناء عن الناس ـ أيها الإخوة ـ بالكسب الحلال شرفٌ عالٍ وعزٌّ منيفٌ. حتى قال الخليفة المحدَّث عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ما من موضع يأتيني الموت فيه أحب إلي من موطن أتسوق فيه لأهلي؛ أبيع وأشتري. ومن مأثور حكم لقمان: يا بنيَّ، استغن بالكسب الحلال عن الفقر، فإنه ما افتقر أحدٌ قط إلا أصابه ثلاث خصال: رقةٌ في دينه، وضعفٌ في عقله، وذهاب مروءته.
إن في طيب المكاسب وصلاح الأموال سلامة الدين، وصون العرض، وجمال الوجه، ومقام العز.
ومن المعلوم ـ أيها الأحبة ـ أن المقصود من كل ذلك الكسب الطيب، فالله طيبٌ لا يقبل إلا طيباً، وقد أمر الله به المؤمنين كما أمر به المرسلين؛ فقال عزَّ من قائل: يٰأَيُّهَا ٱلرُّسُلُ كُلُواْ مِنَ ٱلطَّيّبَـٰتِ وَٱعْمَلُواْ صَـٰلِحاً [المؤمنون:51] وقال عزَّ شأنه: يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ كُلُواْ مِن طَيّبَاتِ مَا رَزَقْنَـٰكُمْ وَٱشْكُرُواْ للَّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ [البقرة:172].
ومن أعظم ثمار الإيمان طيب القلب، ونزاهة اليد، وسلامة اللسان. والطيبون للطيبات، والطيبات للطيبين. ومن أسمى غايات رسالة محمد أنه يُحلُّ الطيبات، ويحرم الخبائث.
وفي القيامة يكون حسن العاقبة للطيبين ٱلَّذِينَ تَتَوَفَّـٰهُمُ ٱلْمَلَـٰئِكَةُ طَيّبِينَ يَقُولُونَ سَلَـٰمٌ عَلَيْكُمُ ٱدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ [النحل:32].
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي : ((من أكل طيباً وعمل في سنَّة، وأمن الناس بوائقه دخل الجنة))[2]. وأخرج أحمد وغيره بأسانيد حسنة عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي أنه قال: ((أربعٌ إذا كن فيك فلا عليك ما فاتك من الدنيا: حفظ أمانة، وصدق حديث، وحسن خليقة، وعفةٌ في طعمة))[3].
إن طلب الحلال وتحريه أمرٌ واجبٌ وحتمٌ لازمٌ، فلن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه. إن حقاً على كل مسلم ومسلمة أن يتحرى الطيب من الكسب، والنزيه من العمل؛ ليأكل حلالاً وينفق في حلال. انظروا ـ رحمكم الله ـ إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه يجيئه غلامه بشيء فيأكله فيقول الغلام: أتدري ما هو؟ تكهنت في الجاهلية لإنسان وما أُحسن الكهانة: ولكني خدعته، فلقيني فأعطاني بذلك، فهذا الذي أكلت. فأدخل أبو بكر يده في فمه فقاء كل شيء في بطنه[4]، وفي رواية أنه قال: ((لو لم تخرج إلا مع نفسي لأخرجتها. اللهم إني أعتذر إليك مما حملت العروق وخالطه الأمعاء)).
وشرب عمر لبناً فأعجبه، فقال للذي سقاه: من أين لك هذا؟ قال: مررت بإبل الصدقة وهم على ماء، فأخذت من ألبانها، فأدخل عمر يده فاستقاء. وتوصي بعض الصالحات زوجها وتقول: يا هذا اتق الله في رزقنا فإننا نصبر على الجوع، ولا نصبر على النار.
موضوع التقرير:
آثار الكسب الطيب ما ذكر في هذا الحديث أن من كان كسبه حلالا ومطعمه حلالا فإن دعوته تكون مستجابة؛ إذا دعا الله تعالى أجاب دعوته، وأعطاه طلبته؛ وذلك لأنه تغذى بما هو غذاء حلال لا شبهة فيه، وقد دل على ذلك أيضا الحديث المشهور أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين؛ فقال تعالى: يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء: يا رب يا رب ومطعمه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك؟ .
ننظر في هذا الحديث أخبر بأن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا أي لا يقبل من الأعمال إلا طيبا، ولا يقبل من الكسب إلا طيبا، ولا يقبل من الصدقات ويثيب عليه إلا الكسب الطيب والمال الطيب، وأخبر بأن الله تعالى أمر المؤمنين بالطيبات: كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ معنى ذلك اقتصروا على الطيبات فكلوا منها ولا تأكلوا الخبائث.
وكذلك أمر المرسلين: كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا مع أن المرسلين إنما هم الذين يعلمون الأمة ما هو طيب وما ليس بطيب، فإذا كان كذلك فإن علينا أن نحرص على الكسب الطيب، ونبتعد عن الكسب الخبيث، وقد كثرت الأدلة على ذلك مثل قول الله تعالى: وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ فالطيبات هي ما أباحه الله تعالى من المكاسب، والخبائث ما فيه خبث حسي أو خبث معنوي، فالطيبات حلال والخبائث حرام.
وكذلك قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ فالطيبات هاهنا يعم ما كان طيبا من حيث مكسبه، وما كان طيبا من حيث مظهره.
وكذلك الخبائث ظاهرا والخبائث باطنا، كذلك ورد أن أن الله تعالى أنكر على اليهود في القرآن أنكر عليهم الأخذ من الحرام يقول الله تعالى: وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ فجعل هذا من العيوب التي يعابون بها، وذلك دليل على أنهم كفروا بذلك، أو ضلوا وفسقوا بذلك لما أخذوا الربا وتعاملوا به، وكذلك لما أكلوا أموال الناس بالباطل يعني أخذوها ظلما فكان هذا تحذيرا لهذه الأمة أن يفعلوا كفعلهم كما قال عمر رضي الله عنه: مضى القوم ولم يعن به سواكم أي: أن هذا تحذير لكم أن تفعلوا كفعلهم.
كذلك أيضا ورد أن الله تعالى عاب الذين يأكلون السحت فوصف اليهود بقوله: سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ السحت هو الحرام بأي نوع كان من أنواع الحرام، وهكذا قال تعالى: وَتَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ السحت هو الحرام كل شيء من المحرم فإنه داخل في السحت فالذين يأكلون السحت داخلون في هذا الوعيد، أو داخلون في هذا الوصف.
نعود إلى الحديث الأول فنقول: إن الله تعالى أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين أمرهم جميعا بأن يأكلوا من الطيبات، وأن يقتصروا عليها.
أهمية كسب الرزق الحلال وطلب العيش الطيب وفضله, والأمر به. 2- ارتباط نزاهة اليد واللسان والقلب بالإيمان. 3- التحذير من الكسب الخبيث وأثره على الفرد والمجتمع. 4- أهمية الورع وترك المشتبه وحال السلف في ذلك.
أما بعد: فاتقوا الله أيها الناس، اتقوه في أنفسكم وأهليكم، اتقوه في أعمالكم وأموالكم، اتقوه فيما تأكلون وما تدخرون: يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِى ٱلأرْضِ حَلَـٰلاً طَيّباً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوٰتِ ٱلشَّيْطَـٰنِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ [البقرة:168].
عباد الله، كسب الرزق وطلب العيش شيء مأمور به شرعاً، مندفعة إليه النفوس طبعاً، فالله قد جعل النهار معاشاً، وجعل للناس فيه سبحاً طويلاً. أمرهم بالمشي في مناكب الأرض ليأكلوا من رزقه. وقَرَنَ في كتابه بين المجاهدين في سبيله والذين يضربون في الأرض يبتغون من فضله، يَضْرِبُونَ فِى ٱلأرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ ٱللَّهِ وَءاخَرُونَ يُقَـٰتِلُونَ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ فَٱقْرَءواْ مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ [المزمل:20]. وأخبر عليه الصلاة والسلام أنه: ((ما أكل أحد طعاماً خيراً من أن يأكل من عمل يده، وإن نبي الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده)) رواه البخاري[1]، ولقد قال بعض السلف: إن من الذنوب ذنوباً لا يكفرها إلا الهمُّ في طلب المعيشة. وفي أخبار عيسى عليه السلام أنه رأى رجلاً فقال: ما تصنع؟ قال: أتعبد. قال: ومن يعولك؟ قال: أخي. قال: وأين أخوك؟ قال: في مزرعة. قال: أخوك أعبد لله منك.
وعندنا ـ أهلَ الإسلام ـ ليست العبادة أن تَصُفَّ قدميك، وغيرك يسعى في قوتك؛ ولكن ابدأ برغيفيك فأحرزهما ثم تعبد.
والاستغناء عن الناس ـ أيها الإخوة ـ بالكسب الحلال شرفٌ عالٍ وعزٌّ منيفٌ. حتى قال الخليفة المحدَّث عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ما من موضع يأتيني الموت فيه أحب إلي من موطن أتسوق فيه لأهلي؛ أبيع وأشتري. ومن مأثور حكم لقمان: يا بنيَّ، استغن بالكسب الحلال عن الفقر، فإنه ما افتقر أحدٌ قط إلا أصابه ثلاث خصال: رقةٌ في دينه، وضعفٌ في عقله، وذهاب مروءته.
إن في طيب المكاسب وصلاح الأموال سلامة الدين، وصون العرض، وجمال الوجه، ومقام العز.
ومن المعلوم ـ أيها الأحبة ـ أن المقصود من كل ذلك الكسب الطيب، فالله طيبٌ لا يقبل إلا طيباً، وقد أمر الله به المؤمنين كما أمر به المرسلين؛ فقال عزَّ من قائل: يٰأَيُّهَا ٱلرُّسُلُ كُلُواْ مِنَ ٱلطَّيّبَـٰتِ وَٱعْمَلُواْ صَـٰلِحاً [المؤمنون:51] وقال عزَّ شأنه: يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ كُلُواْ مِن طَيّبَاتِ مَا رَزَقْنَـٰكُمْ وَٱشْكُرُواْ للَّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ [البقرة:172].
ومن أعظم ثمار الإيمان طيب القلب، ونزاهة اليد، وسلامة اللسان. والطيبون للطيبات، والطيبات للطيبين. ومن أسمى غايات رسالة محمد أنه يُحلُّ الطيبات، ويحرم الخبائث.
وفي القيامة يكون حسن العاقبة للطيبين ٱلَّذِينَ تَتَوَفَّـٰهُمُ ٱلْمَلَـٰئِكَةُ طَيّبِينَ يَقُولُونَ سَلَـٰمٌ عَلَيْكُمُ ٱدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ [النحل:32].
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي : ((من أكل طيباً وعمل في سنَّة، وأمن الناس بوائقه دخل الجنة))[2]. وأخرج أحمد وغيره بأسانيد حسنة عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي أنه قال: ((أربعٌ إذا كن فيك فلا عليك ما فاتك من الدنيا: حفظ أمانة، وصدق حديث، وحسن خليقة، وعفةٌ في طعمة))[3].
إن طلب الحلال وتحريه أمرٌ واجبٌ وحتمٌ لازمٌ، فلن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه. إن حقاً على كل مسلم ومسلمة أن يتحرى الطيب من الكسب، والنزيه من العمل؛ ليأكل حلالاً وينفق في حلال. انظروا ـ رحمكم الله ـ إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه يجيئه غلامه بشيء فيأكله فيقول الغلام: أتدري ما هو؟ تكهنت في الجاهلية لإنسان وما أُحسن الكهانة: ولكني خدعته، فلقيني فأعطاني بذلك، فهذا الذي أكلت. فأدخل أبو بكر يده في فمه فقاء كل شيء في بطنه[4]، وفي رواية أنه قال: ((لو لم تخرج إلا مع نفسي لأخرجتها. اللهم إني أعتذر إليك مما حملت العروق وخالطه الأمعاء)).
وشرب عمر لبناً فأعجبه، فقال للذي سقاه: من أين لك هذا؟ قال: مررت بإبل الصدقة وهم على ماء، فأخذت من ألبانها، فأدخل عمر يده فاستقاء. وتوصي بعض الصالحات زوجها وتقول: يا هذا اتق الله في رزقنا فإننا نصبر على الجوع، ولا نصبر على النار.
أولئك هم الصالحون يُخرجون الحرام والمشتبه من أجوافهم، وقد دخل عليهم من غير علمهم. وخَلَفَت من بعدهم خلوف يعمدون إلى الحرام ليملأوا به بطونهم وبطون أهليهم.
أيها المسلمون، أرأيتم الرجل الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم : ((يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء؛ يا رب يا رب، ومطعمه حرامٌ، وملبسه حرامٌ، وغُذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك))[5]. لقد استجمع هذا الرجل من صفات الذل والمسكنة والحاجة والفاقة ما يدعو إلى رثاء حاله، ويؤكد شدة افتقاره، تقطعت به السبل، وطال عليه المسير، وتغربت به الديار، وتربت يداه، واشْعَثَّ رأسه، واغبرَّت قدماه، ولكنه قد قطع صلته بربه، وحرم نفسه من مدد مولاه، فحيل بين دعائه والقبول. أكل من حرام، واكتسى من حرام، ونبت لحمه من حرام، فردَّت يداه خائبتين.
بربكم ماذا يبقى للعبد إذا انقطعت صلته بربه، وحُجب دعاؤه، وحيل بينه وبين الرحمة؟! لمثل هذا قال بعض السلف: لو قُمت في العبادة قيام السارية ما نفعك حتى تنظر ما يدخل بطنك.
وإن العجب كل العجب ـ أيها الإخوة ـ ممن يحتمي من الحلال مخافة المرض ولا يحتمي من الحرام مخافة النار.
عباد الله، إن أكل الحرام يُعمي البصيرة، ويوهن الدين، ويقسي القلب، ويُظلم الفكر، ويُقعد الجوارح عن الطاعات، ويوقع في حبائل الدنيا وغوائلها، ويحجب الدعاء، ولا يتقبل الله إلا من المتقين.
إن للمكاسب المحرمة آثاراً سيئة على الفرد والجماعة؛ تُنزع البركات، وتفشو العاهات، وتحل الكوارث. أزمات مالية مستحكمة، وبطالة متفشية، وتظالم وشحناء.
أيها المسلمون، ويل للذين يتغذون بالحرام، ويُربون أولادهم وأهليهم على الحرام، إنهم كشارب ماء البحر كلَّما ازدادوا شرباً ازدادوا عطشاً، شاربون شرب الهيم، لا يقنعون بقليل، ولا يغنيهم كثير. يستمرئون الحرام، ويسلكون المسالك المعوجة؛ رباً وقمارٌ، وغصبٌ وسرقةٌ، تطفيفٌ في الكيل والوزن والذرع، كتمٌ للعيوب، سحرٌ وتنجيمٌ وشعوذة، أكلٌ لأموال اليتامى والقاصرين، أيمان فاجرة، لهو وملاه، مكرٌ وخديعة، زور وخيانة، مسالك معوجة، وطرق مظلمة، في الحديث الصحيح عند البخاري والنسائي: ((يأتي على الناس زمان لا يبالي المرء ما أخذ منه، أمن الحلال أم من الحرام))[6]. زاد رزين: ((فإن ذلك لا تجاب لهم دعوة))[7].
أيها العمال والموظفون، أيها التجار والصناع، أيها السماسرة والمقاولون، أيها المسلمون والمسلمات، حقٌ عليكم تحري الحلال والبعد عن المشتبه، احفظوا حقوق الناس، أنجزوا أعمالهم، أوفوا بالعقود والعهود، اجتنبوا الغش والتدليس، والمماطلة والتأخير، اتقوا الله جميعاً، فالحلال هنيء مريء، ينير القلوب، وتنشط به الجوارح، وتصلح به الأحوال، وتصحُّ به الأجسام، ويستجاب معه الدعاء.
اللهم أغننا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمن سواك، اللهم ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا إلى النار مصيرنا، ونسألك اللهم الغنيمة من كل بر، والسلامة من كل إثم، وبارك لنا فيما رزقتنا، وقنا عذاب النار، استجب اللهم يا ربنا دعاءنا.
قائمة المصادر والمراجع:
– موقع سماحة الشيخ ابن جبرين
– موسوعة الخطب
– موقع فضيلة الشيخ عبد العزيز عبدالله الراجحي
– الانترنت
الخاتمة:
الحمد لله الذي أتم عليَّ نعمه، ووالى عليَّ مننه، وأعانني فأكملت هذا البحث بهذه الصورة التي أرجو أن أنال بها رضاه،وأن يكون البحث نافعاً محققاً للغرض منه هذه أهم النتائج التي خرجت بها، ولا شك أن هناك فوائد ونتائج أخرى سيلمسها القارئ من خلال مطالعته لهذه الرسـالة، أسأل الله أن يجعلها خالصة لوجهه، سالمة من الأغراض والأهـواء، نافعـة لي ولإخواني المسلمين إنه سميع مجيب، والحمد لله أولاً وآخراً.
منقول
دعواتكم لصاحب العمل