بسم الله الرحمن الرحيم
آداب التعامل بين الزوجين
المقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله,
وبعد :
هذا وبين أيدينا موضوع من الأهمية بمكان, يحتاج إلى التفقه فيه كل شخصٍ فهو موضوع يهم الوالد والولد, ويهم الأم والبنت, ويهم الزوجة والزوج, ويهم الطفل والجارية, فكل له فيه نصيب وكلٌّ قائم فيه بدور, أله وهو موضوع "آداب التعامل بين الزوجين" أردت طَرْقَ هذا الموضوع حتى يعرف كلٌّ الذي له والذي عليه, وكيف يتعامل مع غيره على ضوء كتاب الله وسنة رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وسيرة سلفنا الصالح رحمهم الله, فيسير فى حياته سيراً رشيداً سالكاً السبيل المثلى والصراط السوي المستقيم الموصل إلى جنات النعيم
الموضوع
التواصل العاطفي بين الزوجين
التواصل العاطفي هو مفتاح السعادة بين الزوجين، فالعلاقة بين الزوجين تبدأ قوية دافئة مليئة بالمشاعر الطيبة، والأحاسيس الجميلة، وقد تفتر هذه العلاقة مع مضي الوقت ، وتصبح رماداً لا فئ فيها ولا ضياء.
وهذه المشكلة هي أخطر ما يصيب الحياة الزوجية، ويحدث في صرحها تصدعات وشروخ، وعلى الزوجة أن تعطي هذه المشكلة كل اهتمامها لتتغلب عليها، حتى تكون علاقتها بزوجها علا تواصل دائم، وحب متجدد.
وبداية العلاج تكون بمراجعة كل منهما لما عليه من واجبات تجاه الآخر، فلعل المشكلة قد بدأت من هذه الزاوية، إلا أن الحياة الزوجية لا تقف عند هذا الحد، فالعلاقة الزوجية هي علاقة إنسانية، وليست علاقة آلية، فالرباط بينهما حبل متين، يشكل ركناً أساسيا في الحياة الزوجية.
والعاطفة علاقة متبادلة بين الزوجين، فالزوج يحرص على أن يشعر زوجته بحبه لها، وعلى الزوجة أن تبادله هذه المشاعر الطيبة، وتعلن له عن حبها إياه، وللعاطفة الصادقة سحر على حياة الزوجين، فهي تحول الصعب سهلاً، وتجعل البيت الصغير جنة يسعد بها الزوجين والأبناء،
ولهذه العاطفة طرق تعرفها جيداً المرأة الذكية، والكلمة الطيبة أيسر هذه الطرق.
فالمرأة الحكيمة هي التي تشعر زوجها بحبها له، وتكبره في نظرها، وأن تعوده من أول أيام زواجها على طيب الكلام، فذلك هو الذي يغذي حياتهما الزوجية، ويجعلها تثمر خيراً وسعادة؛ فالحب إحساس وشعور تزكية الكلمة الطيبة، والاحترام المتبادل، ومبادلة كلمات الحب والمودة، فلا يمنع حياء الزوجة أن تبادل زوجها الكلمات الرقيقة والمشاعر الرقيقة، وعلى الرجل أن يشجع زوجته على ذلك؛ بكلماته الرقيقة، وأحاسيسه الصادقة نحوها..ولتكن ساحة الحب رحبة بينهما، ففيها يتنافسان؛ أملاً في سعادة حياتهما في الدنيا، ورجاءاً في أجراً الله في الآخرة.
وفوق كل ذلك فإن الحساسية عند الزوجة قد تفسد هذه العلاقة، فعليها إذن أن تكون هي صاحبة القلب الكبير الذي يتغاضى عن هفوات الزوج، وهي بهذا المسلك تكبر في عيني زوجها.
وعلى المرأة أن تتزين لزوجها بقدر استطاعتها، وقد سئل صلى اله عليه وسلم:أي النساء خير؟ قال(التي تسره إذا نظر إليها..).
وهناك أمور على قدر كبير من الأهمية قد تغفل كثير عنها من الزوجات، ظناً منهن أن الكلام الطيب والعلاقة الحسنة هي السعادة فحسب، لا… بل هناك البيت النظيف الهادئ، الذي يحتاج إلية الزوج ليستريح فيه من عناء عمله،
وهناك أيضاً مائدة الطعام المعدة إعداداً جيداً، كل هذه الأمور تهم الزوج، بل إن التقصي فيها يكون مكدراً من مكدرات الحياة.
2
على الزوجة أن تكون معينة لزوجها على نوائب الدهر، فتقف إلى جواره، وتخفف عنه متاعب الأيام، ولها في سيرة الصالح قدوة، فعن أنس قال:اشتكى ابن لأبي طلحة(أي:مرض) فمات، وأبو طلحة خارج البيت، ولم يعلم بموته، فلما رأت امرأته أنه قد مات، هيأت شيئاً فنحته( أبعدته) في جانب البيت، فلما جاء أبو طلحة، قال: كيف الغلام؟ قالت: هو أهدأ مما كان، أرجو أن يكون قد استراح.
فظن أبو طلحة أنه شفي، ثم قربت له العشاء، ووطأت له الفراش فجامعها، فلما أصبح اغتسل، فلما أراد أن يخرج أعلمته بموت الغلام، فصلى مع النبي صلى الله عليه وسلم،ثم أخبره بما كان منها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( لعلة أن يبارك الله لكما في ليلتكما). فرزقهما الله ولداً، وجاء من ذريته 9 أولاد كلهم قرءوا القرآن وحفظوه.
وعلى المرأة أن تداوم على الحديث في أوقات مناسبة مع زوجها، فتتعرف أحواله، وما تعرض له في حياته اليومية، فذلك يقرب المرأة لمن زوجها، ويشعره بقيمته وأهميته.
عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى ركعتي الفجر(يعني:سنة الفجر)، فإذا كنت مستيقظة حدثني، وإلا اضطجع حتى يؤذن بالصلاة(أي يقام)
التفاهم بـين الزوجين:
(الله -سبحانه- قد فطر الناس على طبائع مختلفة وأخلاق متباينة، فقد يحب أحد الزوجين ما لا يحبه الآخر، وقد يكره مالا يكرهه الآخر.. وقد تجد الزوجة اختلافًا بينها وبين زوجها في طريقة الكلام أو المحادثة، أو اختلافًا بينهما في طريقة الملبس، أو أنواع الطعام، أو في تنظيم حاجيات المنزل، أو في مواعيد النوم.
ولا يكون التوافق بين الطباع المختلفة إلا بحب يُلين الزوج للزوجة، والزوجة للزوج، عندئذ يصل الزوجان إلى قدر التوافق النسبي الذي لا يشعر معه أي منهما بإهدار شخصيته أو كرامته، فعلى الزوجة أن تصبر على اختلاف طباع زوجها عن طباعها وكذلك الزوج، فتلك خصال شبَّ عليها كل منهما، وسرعان ما يتعرف كل منهما على ما يريح الآخر، فيفعله أملاً في إرضاء نصفه الثاني، وتلك مرحلة على طريق التوافق بينهما.
وعلى المرأة الفطنة أن تعرف ما يناسب زوجها من الثياب، والألوان التي تليق بملابسه، والزي اللائق به في كل مناسبة؛ مما يحفظ له هيبته ووقاره، وأن تهتم بطعام زوجها، فتتعرف على أنواع الطعام التي يفضلها، وتحرص على تقديمها إليه، ولتعلم وقت تناول زوجها لوجباته فلا تتأخر عن موعده، وتقدم له الطعام بالكيفية التي يحبها، سواء في طريقة إعداده، أوفي شكل تقديمه.
والمسلمة تنتظر زوجها حتى يعود من عمله وإن تأخر، فلا تنام حتى تطمئن على قدومه، فتحسن استقباله، وتعد له طعامه، وتحادثه فيما يدخل السرور على قلبه، وتؤنسه حتى يخلد إلى فراشه، وهي تجتهد في الاستيقاظ مبكرًا، وتوقظ زوجها وأبناءها لصلاة الفجر، لتبدأ بالخير يومها ويومهم، ثم تعد للجميع طعام الإفطار، وتودع زوجها بشوق وحنان عند خروجه إلى عمله، وتوصيه بتحري الكسب الحلال.. ثم تقوم بواجبات المنزل وتهيئته ليكون واحة للسكينة والهدوء والاطمئنان.( (1
كيفيه التعامل مع الخلافات الزوجيه
((بما أن الاختلاف بين الزوجين أمر لا مفر منه، فكيف يمكن التعامل مع الخلاف بينهما؟ د.المصري: إن إدارة الخلاف بين الزوجين بمعنى أدق تكون على مرحلتين: المرحلة الأولى: قبل الخلاف، والثانية: أثناء الخلاف.
وعن المرحلة الأولى وهي قبل الخلاف: يجب أن نضع نقاطاً يتفق عليها الزوجان تكون علاجاً قبل أن يصل الأمر إلى الخلاف.
من وجهة نظري هناك ثماني نقاط لو اتضحت والتزم بها الزوجان فإنها ستحد بشكل كبير من الوصول إلى الخلاف، وهذه النقاط هي:
1- حسن الظن: ليس كل فعل يقوم به الإنسان- وبالذات بين الزوجين- على الطرف الآخر أن يؤوله بأنه أراد به كذا وكذا، حتى في أشد حالات الغضب، ولنا في نبينا صلى الله عليه وسلم خير مثال، فقد روى الإمام مسلم أن عائشة رضي الله عنها غضبت، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: "ما لك جاءك شيطانك؟ فقالت: وما لك شيطان؟ قال: بل، ولكني دعوت الله فأعانني عليه فأسلم، فلا يأمرني إلا بالخير.
لم يكبر الرسول صلى الله عليه وسلم الموضوع، ولم يؤوله بسوء ظن، ولم يصعّد المسألة بينهما، وإنما تعامل مع سؤالها على أنه سؤال حقيقي، وأجاب إجابة حقيقية، فحسن الظن هنا جعل الزوجين يتجاوزان خلافاً محتملاً، ولم يدع للشيطان الفرصة كي يلعب في أذهان الزوجين، فلابد من حسن الظن كحائط صد أو يحول دون الخلاف.
2_ الصراحة:
وهذه نقطة مهمة أيضاً، وغالبا ما يكون عدم الصراحة سبباً في تعاظم مشكلة كانت صغيرة ويمكن إنهاؤها من البداية، فحين يجد أحد الزوجين أمراً ما لم يعجبه أو لم يفهمه، فعليه المبادرة بمصارحة الطرف الآخر حوله حتى تتضح الصورة، ويزول اللبس.
3_تقدير الأمور بقدرها:
وهذا له شقان: الأول: عدم تكبير المشكلة وإعطائها أكبر من حجمها، فكثيراً ما رأينا مشاكل تافهة نتج عنها نتائج عظيمة.
أما الثاني: عدم ربط المشكلات ببعضها، فلو حصلت مشكلة بين زوج وزوجته في أمر من الأمور، ثم انتهت هذه المشكلة واستمرت الحياة، ثم حدثت بعد ذلك مشكلة أخرى، لا داعي حينها لاستحضار المشكلة القديمة لتكبير حجم المشكلة الجديدة، وإنما يتم تقدير المشكلة الجديدة بقدرها، وتعالم بمثل قدرها، وأن نقدر الأمور بقدرها.
4_الحفاظ على أسرار البيت: كثيراً ما يكون سبب الخلاف هو قيام أحد الزوجين بإفشاء أسرار حياتهما الزوجية، أو كثرة الحديث عن دواخلهما.
وبتر مثل هذا الحديث من أساسه كفيل باجتناب خلافات كثيرة ما كانت لتنشأ لو حفظ الزوجان أحداث حياتهما بينهما.
5_تغليب حالة الأريحية والانشراح:
حين يكون الأصل دائماً حالة انشراح الصدر والأريحية في التعامل في الحياة العادية تصبح الأمور أقل ضرراً حين يقترب الخلاف، ويكون التحكم في الأعصاب أسهل حيث يكون الإنسان منشرح الصدر ومستعداً للراحة وليس والخلاف.
4
6_الحوار الدائم والتشاور: إن الله سبحانه وتعالى ذكر في مسألة فطام الطفل أن الأمر بين الزوجين يكون عن تراضٍ وتشاور.
قال الله تعالى: " فإن أراد فصالاً عن تراضٍ منهما وتشاور فلا جناح عليهما".
فإذا كان الله عز وجل يوجهنا إلى مسألة التشاور والتراضي بين الزوجين في مسألة الفطام وهي مسألة صغيرة، أليس من الأولى أن يكون الحوار الدائم والتشاور هو منهج الحياة بين الزوجين؟
وهذا المنهج منهج حياة يتعدى كثيراً نقاط الخلاف، ويجعل تجاوزها سهلاً ميسراً.
7_الاستفادة من أوقات الفراغ في تعميق العلاقة الزوجية:
كثيراً ما يكون الزوجان منهمكين في حياتهما وفي أمورهما، ولم يهتما كثيراً بتعميق العلاقة بينهما، ولو استطاع الزوجان الاستفادة من أوقات فراغهما مهما كانت قليلة في تنقية العلاقة وتصفيتها وتعميقها بينهما لاستطاعا أن يغلقا باباً واسعاً من أبواب الخلاف.
8_ الاعتناء بما يسمى بالثقافة الزوجية: الثقافة في كيفية التعامل، كيفية مراعاة الطرف الآخر، احترام الطرف الآخر، أسلوب النقاش، آداب الحوار، كيفية إدارة النقاش، الخلاف، كيفية إدارة الأسرة، كيفية التعاون في تربية الأولاد، وما إلى ذلك من موضوعات.
هذه الثقافة يفتقدها عادة أكثر من 90% من المتزوجين، وهم يفتقدون هذا لأنهم يظنون أنهم أكبر من أن يقرؤوا أو يتثقفوا فيها، مع أنه في الواقع من المهم جداً أن يكون لدى الزوجين ثقافة في مثل هذه الأمور.
وهذه نقاط يجب مراعاتها حتى لا يقع الزوجان في الخلاف
الفرحة: ما الذي يجب على الزوجين أثناء الخلاف؟
د.المصري: بعد كل ما سبق إذا حدث الخلاف فليكن حينها خلافاً راقياً، خلافاً يستوفي آداباً يرقى بها الزوجان إلى مصاف العقلاء، خلافاً ليس جنوناً، ولا فيه غضب زائد، ولا فيه تجاوز أو قلة أدب.
وكي يكون الخلاف خلافاً راقياً على كل طرف مراعاة النقاط الست التالية
1_الحكم بطريقة صحيحة: وكي يحكم المرء حكماً صحيحاً عليه أن يضع نفسه مكان الطرف الآخر، وأن يقدر ظروفه وإمكانياته، ثم بعد ذلك يحكم عليه، هذه القضية الأولى، وهي أن يتساءل الإنسان دوماً حين الخلاف: لماذا الطرف الآخر قال كذا؟ ولماذا تصرف بهذه الطريقة؟ ما الظروف التي أدت به إلى هذا الفعل؟ لو استطاع الزوجان أن يفعلا هذا فعلاً سيقدر وقتها كل طرف وجهة نظر الآخر، وسيفهم أسباب ما وصل إليه، وهذا سيحد كثيراً من الخلاف.
2_ الإمساك عن تأجيج الخصام:
حين تتقد شرارة الخصام على الطرفين أن يمسكا عن تأجيج الخصام، فيبدآن بالاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، ويحرصان على ضبط النفس، وكظم الغيظ، والامتناع عن الوصول إلى مرحلة الغضب الشديد.
3_أن لا يجر الخلاف إلى استدعاء خلافات سابقة:
وكأن الموقف تصفية حسابات، هذه النقطة مهمة جداً، وهي أن لا يجر الخلاف إلى استدعاء خلافات سابقة يُزج بها في حلبة الصراع، وإنما يُكتفى بالخلاف الموجود.
5
4_ تقدير الخلاف بقدره في القلب: فعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني لأعلم إذا كنت عني راضية، وإذا كنت على غضبي". قالت: فقلت: من أين تعرف ذلك؟ فقال: " أأما إذا كنت عني راضية فإنك تقولين: لا ورب محمد، وإذا كنت غضبى قلت: لا ورب إبراهيم، قالت: قلت: أجل والله يا رسول الله، ما أهجر إلا اسمك.. رواه البخاري ومسلم.
هنا يكمن تقدير الخلاف بقدره، فالسيدة عائشة أخبرتنا بأن أقصى ما تفعله في قلبها حين الخلاف مع النبي صلى الله عليه وسلم هي أنها تهجر اسمه فقط، ولا يتعدى الأمر أكثر من ذلك.
على القلب إذن أن يكون منتبهاً لحجم المشكلة، وألا يترك لها المجال والمساحة لتكبر وتتجاوز.
5_تحري الزوجين ما يجري على ألسنتهما:
كاجتناب السباب والإهانة أو ما من شأنه تحقير الآخر وتسفيهه، فغالباً ما تنتهي كل الخلافات وتنتهي كل المشاكل ويبقى: أنتَ قلت لي كذا، أنتِ قلت لي كذا، أنتَ حقرتني بكذا، أنتِ أهنتني بكذا، فتبقى هذه الأشياء تنغص عليهما حياتهما.
إن الشتائم والسباب يجب أن لا تأتي على لسان الإنسان من الأساس، فالمسلم ليس طعاناً ولا لعاناً ولا فاحشاً بذيئاً، ومن باب أولى أن لا يكون هذا الأمر بين الزوجين.
6_استحضار "وإذا ما غضبوا هم يغفرون":
إن الله عز وجل لم يذم إنساناً لعدم تحليه بالحلم، ولم يمدحه لعدم غضبه، ولكنه في التعامل مع الغضب امتدح الذين يغفرون عند الغضب، فقال تعالى في وصف المؤمنين: " والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش وإذا ما غضبوا هم يغفرون".
إن الغضب شعور من الصعب تجاوز وقوعه من الإنسان، لذلك لم يمتدح الله عز وجل غير الغاضبين، وإنما امتدح الذين إذا ما غضبوا هم يغفرون وأعلى من شأنهم، هذه المغفرة مهمة بين بني البشر، وتزداد أهميتها بين الزوجين.
بهذه النقاط يمكن للزوجين أن يقللا الخلافات إلى أكبر درجة ممكنة، وحين يقع الخلاف يمكن إدارته بطريقة تحفظ الزوجين والبيت والأسرة.)) (1)
حسنُ ظنّ مع احتياط وتحفظ
وينبغى أن يكون الزوج حسن الظن بزوجته وفى الوقت نفسه يتحفظ ويحتاط ويبتعد عن مسببات الفساد والمخالفات الشرعية؟
-أما حسن الظن بالزوجة, فقد حث الله تعالى على ذلك بقوله " لولآ إذ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ المُؤمِنُونَ والمُؤمِناتُ بأنفُسِهِم خيراً "
وقال الله " يآ أيُّها الذينَ ءامنوا اجتنبوا كثيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بعضَ الظَّنِّ إثم ولا تجسَّسُوا"
وقد قال النبىّ -عليه الصلاة والسلام- " إذا أطالَ أحدَكُمُ الغَيْبَةَ فلا يَطرُقْ أهلهُ ليلاً"
-أما التحفظ والاحتياط, فلما فى الصحيحين من حديث عقبة ابن عامر -رضى الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال "إيّاكم والدّخول على النساء" فقال رجل من الأنصار: يارسول الله, أرأيت الحَموَ؟ قال "الحمو الموت"
وأخرج البخارى ومسلم من حديث ابن عباس -رضى الله نه- عن النبى -صلى الله عليه وسلم- قال " لا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامرأَةٍ إلا مَعَ ذى مَحْرَم"
ويتضح هذا الظن والحسن والاحتياط فى قصة الفاضلة المؤمنة أسماء بنت عميس, فقد أخرج مسلم فى صحيحه من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص -رضى الله عنه- أنّ نفراً من بنى هاشم دخلوا على أسماء بنت عُمَيْس, فدخلَ أبو بكر الصدّيق(1) وهى تحته يومئذ, فرآهم فكره ذلك, فذكر ذلك لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقال: لَم أَرَ إلا خيراً, فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "إنّ الله قد برّأها من ذلك" ثمّ قام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على المنبر فقال "لا يدخُلَنّ رجلٌ بعدَ يومى هذا على مُغِيبَةٍ, إلا ومَعَهُ رجلٌ أو اثنان"
فرسول الله -صلى الله عليه وسلم- نفى السوء عن أسماء -رضى الله عنها- ومع ذلك سنّ لأمته ما يحتاطون بع ولا يدع للشيطان مجالاً للوسوسة فالشكوك والوساوس تدمر الاُسر وتخرب البيوت وتهدم العوائل, فلا يكون للرجل دائم الشك فى امرأته وفى نفس الوقت لا يترك لها الحبل على الغارب تُدخل من شاءت وتُخرج من شاءت ويخلو بها من يشاء.
ــــــــــــــــــ
(1) وقد تزوجها أبو بكر -رضى الله عنه- بعد مقتل زوجها جعفر -رضى الله عنه- وتزوجها على -رضى الله عنه- بعد موت أبى بكر -رضى الله عنه-
ومن اللطائف المتعلقة بأسماء بنت عميس -رضى الله عنها- ما أخرجه ابن سعد فى الطبقات بسنده… قال سمعت عامراً يقول: تزوج على ابن أبى طالب أسماء بنت عميس فتفاخر ابناها محمد ابن جعفر ومحمد ابن أبى بكر فقال كل واحد منهما, أنا أكرم منك وأبى خير من أبيك, فقال لها على: اقضى بينهما يا أسماء, قالت: ما رأيت شاباً من العرب خيراً من جعفر, ولا رأيت كهلاً خيراً من أبى بكر, فقال على: ما تركت لنا شيئاً, ولو قلت غير الذى قلت لمقتك فقالت أسماء: إن ثلاثة أنت أخسّهم لخيار.
نصائح غالية من فضائل العمل والخلق الحسن
((ويُستحب للرجل إذا دخل بيته أن يذكر الله عز وجل, حتى لا يدخل الشيطان وذلك لما أخرجه مسلم من حديث جابر ابن عبد الله -رضى الله عنهما- أنه سمع النبىّ -عليه الصلاة والسلام- يقول " إذا دخل الرجل بيته فذكر الله عند دخوله وعند طعامه قال الشيطان: لا مبيت لكم ولا عشاء, وإذا دخل فلم يذكر الله عند دخوله قال الشيطان: أدركتم المبيت, وإذا لم يذكر الله عند طعامه: قال أدركتم المبيت والعشاء"
ويُشرع له ويُستحب أن يُسلِّم على أهله ويقابلهم بوجهٍ مبتسم طلق, وهذا لا يكلفه شيئاً بل يجلب له الأجر والمثوبة من الله عز وجل,
فإنه إذا ابتسم فى وجه أهله كانت له صدقة, وقد قال صلى الله عليه وسلم " لا تحقرنّ من المعروف شيئاً, ولو أن تلقى أخالك بوجهٍ طلق"
وقال الله سبحانه " فإذا دَخَلْتُم بُيُوتاً فَسَلِّمُوا على أنفُسِكُم تَحِيَّةً من عِندِ اللهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَة"
وصح عن جابر ابن عبد الله -رضى الله عنها- أنه قال : إذا دخلت على أهلك فسلِّم عليهم تحية من عند الله مباركة طيبة
أما أن تدخل وأنت عامقطب الجبين عابس الوجه منتفخ الأوداج, ترمى عيناك بالشر ويعلو وجهك الرغبة فى البطش, وتكون مع الناس مرجاً منبسطاً ضاحكاً ومبتسماً ولا تدخل البيت يظهر التبرم والضيق وتختلق الانفعال, وإذا نظرت إلى نفسك فى المرآة رأيت وجهاً مزعجاً يفرُّ منه من رآه ويتعوذ بالله منه من شاهده, فلا أخالك إلا محروماً من الخير قد حيل بينك وبين الثواب, وقد قال النبىّ -صلى الله عليه وسلم- "خيركم خيركم لأهله"))(1)
من كلام الرسول صلى الله عليه وسلم أنه أيضاً حث على حسن تعامل الزوجين معاً:_
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا يحل لامرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بأذنه، ولا تأذن في بيته إلا بإذنه)(1)
-ع أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها).(2)
عن أم سلمه رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله ليه وسلم: (أيُما امرأة ماتت وزوجها عنها راضٍ دخلت الجنة).(3)
الخاتمة
وفي النهاية فقد تكلمنا في هذا البحث عن أهميه العلاقة الزوجية التي قدسها الله سبحانه وتعالى وجعل لها شروط وآداب يحرص كل مسلم على القيام بها والاقتداء بالرسول في هذه العلاقة الزوجية وقد وفقني الله في هذا البحث أن اجمع بين مختلف النواحي في هذه العلاقة.
المصادر والمراجع :
موقع معهد الإمارات التعليمي
كتاب الزواج في الإسلام- دار الفقه – الطبعة الأولى
www.islamicmedicine.org/qazawaj1.htm
- أداب التعامل بيـــــــــــن الزوجين . 1111..doc (61.5 كيلوبايت, 162 مشاهدات)