أول شهيدة في الإسلام
المقدمة
وها نحن نعيش من خلال تلك السطور مع قصة الصبر على البلاء .
إنها قصة تتكرر كل يوم …إنه الصراع الدائم بين الإيمان والكفر .
إننا على موعد مع أول شهيدة في الإسلام …. تلكم المرأة الطاهرة التي خلد التاريخ ذكرها وأعلى الإسلام قدرها ومنزلتها
إنها سمية بنت خياط – رضي الله عنها – التي بشرها الحبيب صلى الله عليه وسلم بالجنة ويا لها من بشرى يستعذب العذاب من أجلها .
فتعالوا بنا نفتح الصفحة التي تحكي لنا قصة صبرها لتكون تسلية لنا في زمن الغربة الثاني الذي نعيشه الآن .
نسبها :
سمية بنت الخياط، هي أم عمار بن ياسر، أول شهيد استشهد في الإسلام، وهي ممن بذلوا أرواحهم لإعلاء كلمة الله عز وجل، وهي من المبايعات الصابرات الخيرات اللاتي احتملن الأذى في ذات الله.كانت سمية من الأولين الذين دخلوا في الدين الإسلامي وسابع سبعة ممن اعتنقوا الإسلام بمكة بعد الرسول وأبي بكر الصديق وبلال وصهيب وخباب وعمار ابنها. فرسول صلى الله عليه وسلم قد منعه عمه عن الإسلام، أما أبو بكر الصديق فقد منعه قومه، أما الباقون فقد ذاقوا أصناف العذاب وألبسوا أدراع الحديد وصهروا تحت لهيب الشمس الحارقة
عن مجاهد، قال: أول شهيد استشهد في الإسلام سمية أم عمار. قال: وأول من أظهر الإسلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر ، وبلال، وصهيب، وخباب، وعمار، وسمية أم عمار
زواجها :
كانت سمية بنت خياط أمة لأبي حذيفة بن المغيرة بن عبد الله ابن عمر بن مخزوم، تزوجت من حليفه ياسر بن عامر بن مالك بن كتانه بن قيس العنسي. وكان ياسر عربياً قحطانياً مذحجيًا من بني عنس، أتى إلى مكة هو وأخويه الحارث والمالك طلباً في أخيهما الرابع عبد الله، فرجع الحارث والمالك إلى اليمن وبقي هو في مكة. حالف ياسر أبا حذيفة ابن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، وتزوج من أمته سمية وأنجب منها عماراً، فأعتقه أبو حذيفة، وظل ياسر وابنه عمار مع أبي حذيفة إلى أن مات، فلما جاء الإسلام أسلم ياسر وأخوه عبد الله وسمية وعمار
تعذيب المشركين لآل ياسر :
عذب آل ياسر أشد العذاب من أجل اتخاذهم الإسلام ديناً الذي أبوا غيره، وصبروا على الأذى والحرمان الذي لاقوه من قومهم، فقد ملأ قلوبهم بنور الله-عز وجل- فعن عمار أن المشركين عذبوه عذاباً شديداً فاضطر عمار لإخفاء .إيمانه عن المشركين وإظهار الكفر وقد أنزلت آية في شأن عمار في قوله عز وجل: (( من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان)). وعندما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:ما وراءك؟ قال : شر يا رسول الله! ما تُركت حتى نلت منك وذكرت آلهتهم بخير! .قال: كيف تجد قلبك؟ قال : مطمئناً بالإيمان. قال : فإن عادوا لك فعد لهم
هاجر عمار إلى المدينة عندما اشتد عذاب المشركين للمسلمين، وشهد معركة بدر وأحد والخندق وبيعة الرضوان والجمل واستشهد في معركة صفين في الربيع الأول أو الآخر من سنة سبع وثلاثين للهجرة، ومن مناقبه، بناء أول مسجد في الإسلام وهو مسجد قباء
وقد كان آل ياسر يعذبون بالأبطح في رمضاء مكة وكان الرسول الله -صلى الله عليه وسلم- يمر بهم ويدعو الله –عز وجل- أن يجعل مثواهم الجنة، وأن يجزيهم خير الجزاء
عن ابن إسحاق قال: حدثني رجال من آل عمار بن ياسر أن سمية أم عمار عذبها هذا الحي من بني المغيرة بن عبدالله بن عمر بن مخزوم على الإسلام، وهي تأبى غيره، حتى قتلوها، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم-مر بعمار وأمه وأبيه وهم يعذبون بالأبطح في رمضاء مكة، فيقول: صبراً آل ياسر فإنّ موعدكم الجنة
وفاتها :
لم يطل الأمر ببطلتنا الشهيدة ….
فمر بها أبو جهل وهي تعذب ، فشتمها أقذع الشتم ، واسمعها قوارص الكلام ، فلم تأبه له … فجرد رمحه وطعنها بأسفل بطنها فخرجت حربة الرمح من ظهرها … فكانت أول شهيدة في الإسلام وحسبها بذلك رفعة ومجداً
مصير القاتل :
أبوجهل هو عمرو بن هشام بن المغيرة بن مخزوم القرشي،.كان من أشد الناس عداوة للإسلام والمسلمين،. وقد لقبه المسلمون بأبي جهل لكثرة تعذيبه المسلمين وقتله سمية، ولكن الله سبحانه وتعالى يمهل ولا يهمل
قتل أبو جهل في معركة بدر الكبرى، حيث قاتل المسلمون المشركين بأسلوب الصفوف، بينما قاتل المشركون المسلمين بأسلوب الكر والفر. طعن أبا جهل على يدي ابني عفراء، عوف بن الحارث الخزرجي الأنصاري، ومعوذ بن الحارث الخزرجي الأنصاري، رضي الله عنهما، ولكنه لم يمت على أثر طعناتهما بسبب ضخامة جسده، ولأن ابني عفراء كانا صغيرين بالسن، لكنه لفظ نفسه الأخيرة على يد عبدالله بن المسعود الذي أجهز عليه. ولقد استشهد ابنا عفراء في هذه معركة رضي الله عنهما
بعد مقتل أبا جهل، قال النبي صلى الله لعمار بن ياسر (( قتل الله قاتل أمك((
الدروس والعبر في سيرة حياة سمية :
سمية بن الخياط هي من أهم المجاهدات المسلمات اللواتي احتملن الأذى والعذاب، الذي كان يلقاه المسلمون على أيدي المشركين في ذلك الوقت. وهي ممن بذلوا الغالي والنفيس في ذات الله تعالى
كان إيمانها القوي بالله تعالى هو سبب ثباتها على الإسلام ورفضها ديناً غيره، فقد وقر الإيمان في قلبها وذاقت لذته وأيقنت أنه فيه سعادتها في الدنيا والآخرة، فوكلت أمرها إلى الله تعالى محتسبه وصابرة أن يجزيها الله تعالى خيراً على صبرها ويعاقب المشركين، ونستشف من قصة سمية أن الله سبحانه وتعالى يمهل، ولا يهمل وأنه مهما طال الأمد، فإن كل إنسان سوف يأخذ جزاءه عاجلاً أم أجلاً
المراجع :
*كتاب صحابيات حول الرسول .
http://www.3aam.com/7awa/ViewStory/1989.html
* كتاب صور من حياة الصحابة للدكتور عبد الرحمن رأفت الباشا