هو أحد الشخصيات البارزة في التاريخ المصري في العصر الحديث، ويرجع إليه الفضل في بناء مصر الحديثة، حيث شهدت مصر في عصره نهضة في مختلف المجالات سواء الاقتصادية أو العسكرية.
ولد محمد علي عام 1769م الموافق عام 1183هـ من سلالة ألبانية ببلدة (قولة) أحد المواني الصغيرة الواقعة على الحدود بين ترافية ومقدونيا، توفى والده إبراهيم أغا و هو مازال في مرحلة الطفولة فأعتني به عمه طوسون إلا أنه توفي هو الأخر، فتبناه احد أصدقاء والده و عمل على رعايته و تربيته حتى بلغ الثامنة عشر فتعلم الفروسية و اللعب بالسيف، ألتحق بالخدمة العسكرية في الجيش ، و قام بخدمة حاكم قولة و أكتسب رضاه بذكائه و مهارته، و أكتسب الكثير من العادات و الآداب الفرنسية ، و عندما بلغ محمد على سن الثلاثين انضم للجيش مرة أخرى عندما بدأ الباب العالي في حشد جيوشه لمهاجمة الجيش الفرنسي بقيادة نابليون بونابرت.
والي مصر
انتقل بعد ذلك محمد علي إلى مصر عام 1801م كمعاون لرئيس كتيبة قولة مع جيش (القبطان حسين باشا) الذي جاء لأجلاء الفرنسيين، و بقي في مصر بعد خروج الفرنسيين منها ونظراً لتميزه فقد رقي إلى عدة مناصب فأصبح نائب للسلطان العثماني ، ثم أصبح والياً على مصر في عام 1805م، حيث بدأ مهامه كوالي بالقضاء على المماليك في مذبحة القلعة الشهيرة، كما قام بالقضاء على الإنجليز في معركة رشيد، وبالتالي حول مصر إلي حالة من الاستقرار السياسي تمهيداً للبدء في بنائها وتقوية مركزها بين الدول المختلفة، فالتفت إلي الإصلاح الداخلي وكانت البداية من خلال تأسيس أول جيش نظامي قوي ساعد في تدريبه الفرنسيين الذين تبقوا من الحملة الفرنسية.
قام محمد علي بعدد من الفتوحات الخارجية منها حربه ضد الوهابيين بالحجاز ونجد وضمهما لحكمه عام 1818، ثم اتجه لمحاربة السودانيين عام 1820م، كما قام بالاستيلاء علي الشام وانتصر علي العثمانيين عام 1833م، وكاد يستولي علي الآستانة العاصمة إلا أن روسيا وبريطانيا وفرنسا قاموا بحماية السلطان العثماني، ولم يبقى مع محمد علي سوي سوريا وجزيرة كريت وفي عام 1839م حارب السلطان لكنه هزم و أجبر علي التراجع في مؤتمر لندن عام 1840 بعد تحطيم أسطوله في نفارين. ففرضوا عليه تحديد أعداد الجيش والاقتصار علي حكم مصر لتكون حكما ذاتيا يتولاه من بعده أكبر أولاده سنا
إنجازاته
شهد عصر محمد علي العديد من الإنجازات والإصلاحات في مختلف المجالات حيث أنشأ العديد من المدارس و أرسل الكثير من البعثات لتلقي العلم في أوروبا، وأنشأ جريدة الوقائع المصرية، وأقام المصانع والمعامل لكي يستغني عن الدول الأجنبية في سد احتياجات الجيش والأسطول، كما قام بتقسيم الأراضي بحيث خصص كل منها لزراعة محصول معين ووزعها علي الفلاحين لزراعتها ورعايتها والاستفادة بغلتها نظير دفع الأموال الأميرية، و أدخل التعديلات في طرق الزراعة، و استعان بالآلات الحديثة، كما قام بإدخال عدد من الزراعات الجديدة مثل القطن وقصب السكر، وعمل علي إصلاح نظام الري، وأنشأ كثيراً من الترع والجسور والقناطر، وفي مجال التجارة أستغل موقع مصر المتميز وعني بالمواني وأنشأ الطرق لتسهيل انتقال التجارة.
و في المجال العسكري قام بأعداد قوي للجيش فجند المصريين فيه، وأنشأ المدرسة الحربية، ووضع النواة الأولي للبحرية، وأنشأ الأسطول المصري، هذا الأسطول الذي خاض عدد من الحروب الهامة و أنتصر فيها من أهمها حرب المورة، كما أنشأ دار الصناعة البحرية في الإسكندرية و التي يطلق عليها حالياً (الترسانة البحرية)، وذلك لتلبية احتياجات الأسطول المصري من السفن، كما أجري عدة إصلاحات إدارية بمصر ، فأنشأ مجلس الدواوين ، والديوان العالي وكان مقره القلعة ويرأسه الوالي، وله فروع في الحكومة، مثل ديوان المدارس، وديوان الحربية.
من إنجازات محمد على
(2)البعثات العلمية
عرضت بإيجاز فى المقالة السابقة إلى أن محمد على اهتم بإرسال البعثات إلى أوربا – منبع العلوم فى ذلك الحين .. و هذه المبادرة من جانب محمد على تنم عن عبقرية فذة حيث لم ترد الفكرة على ذهن أى حاكم شرقى قبله .
و مما يجدر ذكره أن عبقرية الرجل تتبدى أيضا فى الربط بين التعليم و المجتمع و تلبية حاجات هذا المجتمع فى كافة المجالات : زراعية و صناعية و حربية – لا كما يدعيه المدعون من أن هدفه من التعليم كان بناء الجيش الذى يحقق أطماعه .. علما بأننا فى عصرنا الراهن قد عجزنا عن تحقيق ما حققه محمد على منذ قرنين من الزمان .. حيث ننادى – بلا فائدة – من الربط بين التعليم و حاجات المجتمع .
و لقد كانت الأهداف العامة لمحمد على من هذه البعثات :
1- أن ينقل إلى مصر العلم و الخبرة العلمية و الهندسية و الحربية و الصنائع و الفنون ( التكنولوجيا) .
2- أن تضارع مصر أوربا فى مضمار التقدم العلمى و الاجتماعى .
3- أن يكوّن طبقة من المصريين المثقفين لا يقلون عن أرقى الطبقات فى أوربا .
4- أن تجد مصر كفايتها من المعلمين فى كافة المدارس العليا ، إلى جوار الضباط و المهندسين و المعماريين و إدارة الأعمال .
أولا : البعثات الأولى :
أ ) كانت إلى إيطاليا سنة 1813:
1) أهدافها : دراسة الفنون العسكرية و بناء السفن و تعلم الهندسة .
2) أحد أفراد هذه البعثة هو الذى أدار مطبعة بولاق سنة 1821.
ب) أرسل بعض الطلبة إلى فرنسا .
ج ) إلى إنجلترا : لدراسة بناء السفن و الملاحة و مناسيب الماء و صرفه و الميكانيكا .
هذا و قد بلغ عدد طلبة هذه البعثات 28 طالبا .
ثانيا : البعثات الكبرى :
إلى فرنسا :
• سنة 1826 : بعثة مكون من 40 طالبا .
• 1828 زيد العدد إلى 44 طالبا .
• 1844 : بعثة مكون من 70 طالبا .. ثم زيد العدد ، وكان من بين الطلاب اثنان من أبنا محمد على هما عبد الحليم و حسن ، و اثنان من أبناء إبراهيم باشا هما اسماعيل (الخديو فيما بعد ) و أحمد …. و كانت أهداف هذه البعثة تلقى العلوم و الفنون الحربية .
• 1847 : بعثة مؤلفة من طلبة الأزهر لدراسة الحقوق .
ثالثا : بيانات عامة :
1- عدد طلبة البعثات التى أرسلها محمد على : 319 طالبا ، و هو عدد ضخم بمقاييس
ذلك الزمان .
2- بلغت تكاليف هذه البعثات : 303360 جنيها .. و هو مبلغ ضئيل إذا قسناه بمدى
النهضة التى أحدثها هؤلاء المبعوثون بعد عودتهم .
3- كان محمد على يتابع مدى تقدم هؤلاء المبعوثين فى دراستهم بنفسه .. و إليكم جزءا
من إحدى رسائله إليهم :
"قدوة الأماثل الكرام الأفندية المقيمين فى باريس لتحصيل العلوم و الفنون .. زيد قدرهم .. و يقول : فقياسا على قلة شغلكم فى هذه المدة عرفنا عدم غيرتكم و تحصيلكم ، و هذا الأمر قد غمنا غما كثيرا .. ثم يورد إليهم النصائح ويطلب إليهم أن يكتبوا إليه المعوقات ..الخ .
4- بعض تخصصات هذه البعثات : الإدارة الملكية و الحقوق – الفنون الحربية
و الإدارة العسكرية – العلوم السياسية – الملاحة و الفنون البحرية –الهندسة
الحربية – المدفعية – الطب و الجراحة – الزراعة – التاريخ الطبيعى و المعادن –
هندسة الرى – الميكانيكا – صنع الأسلحة – الطباعة و الحفر – الكيمياء – الهندسة
و الرياضيات – الطبيعيات – الترجمة …. و قد عجزت عن كتابة باقى
التخصصات التى جاوزت العشرات و العشرات .
هذا و لم ينس محمد على ارتباط هذه البعثات بدينهم ، فأرسل معهم إماما متخصصا أصبح من أشهر رجال عصر محمد على وما بعده هو : رفاعة بك الطهطاوى (سنتحدث عنه فيما بعد إن شاء الله) …..
و إلى الملتقى فى حلقة أخرى من هذه السلسلة
الوفاة
توفي محمد علي باشا في 13 رمضان 1265 – 2 أغسطس 1848، بعد أن تمكن من نقل مصر نقله حضارية هامة مازال التاريخ يتذكرها حتى الآن
يمنقول