تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » زواج الأقارب نقمه أم نعمه ؟؟!! للاحتياجات الخاصة

زواج الأقارب نقمه أم نعمه ؟؟!! للاحتياجات الخاصة

  • بواسطة

زواج الأقارب

للدكتور / أحمد شوقي إبراهيم
مستشار الأمراض الباطنية
بمستشفي الصباح

كثر الحديث عن علاقة زواج الأقارب بالأمراض الوراثية في الذرية وذلك نتيجة للتقدم العلمي في علوم الوراثة في عصرنا الحاضر وما صاحب ذلك التقدم من اكتشاف كثير من الحقائق العلمية لم تكن مفهومة في العصور الماضية .
وترجع أهمية هذا الموضوع الى أن زواج الأقارب مفضل فى بعض المجتمعات وخاصة الشرقية منها وذلك لأسباب كثيرة منها الرغبة في الاحتفاظ بالثروة داخل الأسرة ، وصغر السن عند الزواج وما يصاحبه من عدم النضج العاطفي وانفراد الآباء بالقرار ، وتحتم التقاليد في بعض القبائل العربية ألا يتزوج البنت إلا ابن عمها .

ولقد تبين من دراسة ميدانية لحالات الزواج بالكويت سنة 1983 أن زواج الأقارب يشكل 54,3 % من حالات الزواج وأن نسبة زواج الأقارب سنة 1986 كانت 53,9 % مما يدل على نسبة زواج الأقارب عالية في المجتمعات العربية ومما يدل أيضا على أن الأسباب التي دعت إلي زواج الأقارب لم تقل بمرور السنين .
وفي دراسة ميدانية أخرى في هذا الموضوع في مصر سنة 1983 تبين أن زواج الأقارب يشكل 38,96 % من حالات الزواج ، وبعض المجتمعات الشرقية تسمح بزواج الرجل من بنت أخيه أو بنت أخته كما هو الحال فى بعض مناطق الهند ، إلا أن بعض المجتمعات الغربية لها نظرة مختلفة في زواج الأقارب ففي بعض الولايات الأمريكية لا يسمح بزواج أولاد العم والعمة أو الخال والخالة .
وحتى نفهم هذا الموضوع فهما علميا نحاول أن نفهم أولا الأسس العلمية التي على أساسها تنتقل الأمراض الوراثية من الآباء إلي الذرية .

تتكون المنطقة في الرحم من أمشاج الذكر والأنثي وتحمل تلك الأمشاج العوامل الوراثية من كل ممن الأب والأم وهكذا تنتقل الصفات الوراثية من الآباء إلي الأبناء والأحفاد والي ماشاء الله ،وكل ذلك فى نظام متقن بديع يدل على قدرة الخالق البارئ المصور تبارك وتعالي .
ولا يتغير النظام الوراثي في الإنسان ومهما حدثت من طفرات وراثية ، فإن ذلك إن كان يغير بعض الصفات الخلقية إلا انه لا يغير مطلقا النظام الوراثي في الخلية البشرية .
والعوامل الوراثية في معظمها إما سائدة وإما منتحية .
– والعامل الوراثي السائد : له القدرة علي الظهور والتعبير عن نفسه .
– والعامل الوراثي المتنحي : ليس له القدرة علي الظهور والتعبير عن نفسه إلا إذا أجتمع مع عامل وراثي متنح مماثل تماما .. حينئذ تظهر الصفة الوراثية التي يحملانها معا .
– وبوجود العوامل الوراثية السائدة والمتنحية التي تحمل الصفات الوراثية ، تظهر تلك الصفات في الأبناء فمنهم من يشبه الأم ومنهم من يشبه الأب أو العم أو الخال وروي البخاري والترمذي عن أنس رضي الله عنه قال : " لم يكن أحد منهم أشبه برسول الله r من الحسن بن علي .
وأننا إذا افترضنا وجود مرض وراثي في أحد الوالدين ينقله عامل وراثي سائد فإنه يعبر عن نفسه في نسبة معينة من الأبناء ولا يظهر في الآخرين أما في حالة العوامل الوراثية المتنحية فلا بد أن تكون موجودة في كل من الأب والأم معا ، ليظهر المرض فى نسبة معينة من الأبناء ولا يظهر في الآخرين ، يظهر فيمن يجتمع لديهم عاملان وراثيان متنحيان ولا يظهر فيمن ينتقل اليه عامل وراثي متنح واحد ، وليست العوامل الوراثية السائدة أو المتنحية ، تحمل صفات غير مرغوب فيها أو مراضا فحسب فقد تحمل صفات مرغوبا فيها أيضا .

إن العوامل الوراثية المتنحية تجتمع في الأقارب في الجين الأول بنسبة 1 :8 وتقل هذه النسبة في غير الأقارب فإذا كان هذا الجين في المجتمع بنسبة :1000 فإن احتمال تواجد هذا الجين في أحد الزوجين 1:500 وإذا كان فى المجتمع بنسبة 1 :100 فان احتمال وجود هذا الجين فى أجد الزوجين 1 : 50 وفي كلتا الحالتين نجد أن نسبة تواجد الجين المتنحي في الأقرباء ( بنت العم أو العمة والخال والخالة ) يكون ثابتا 1 :8 وهذا يبين خطورة زواج الأقارب في ظهور الأمراض الوراثية وخاصة النادرة منها فإذا استمر الزواج بالأقارب جيلا بعد فإن العوامل الوراثية المتنحية تجتمع فيهم أكثر مما هي موجودة في المجتمع من حولهم فإن الرجل إذا تزوج بابنة عمه أو ابنة خاله وكان كل منهما يحمل نفس العامل الوراثي المتنحي لصفة صحية أو مرضية فإن 25 % من أولادهما ستظهر عليهم تلك الصفة و 50% منهم يحملون العامل الوراثي المتنحي و 25% منهم لا يحملونه .
أما إذا كانت درجة القرابة بعيدة فإن احتمال تواجد الجينات المماثلة أقل وبالتالي يكون احتمال حدوث المرض في الذرية أقل من هذه النسبة كأن يكون مثلا 1 : 16 والعكس صحيح إذا كانت درجة القرابة بين الزوجين أقرب كما في بعض المجتمعات الهندية التي تسمح بزواج الرجل من بنت أخيه أو أخته فإن اجتمال تواجد الجينات المماثلة يكون أكثر من 1 – أي 1 ك 4 وهذا النوع من الزواج ممنوع في الإسلام .
ولا ينصح كثير من علماء الوراثة بالزواج من الأقارب على اعتقاد أن زواج الأقارب ينقل الأمراض الوراثية من الآباء إلى الذرية أكثر مما هو فى زواج الأباعد ولقد تحمس كثير من العلماء لهذا الرأي وجاء بأحاديث أسندوها إلي النبي محمد r تنصح بزواج الأباعد .
مثل الحديث القائل :" تحيروا لنطفكم فإن العرق دساس "
والحديث القائل : " أغتروا لا تضووا " أي تزوجوا الأغراب حتى لا تضعف الذرية " .
فهل هذا الرأي صحيح علميا ؟ وهل هذه الأحاديث قالها النبي محمد : حقا ؟ .

إذا نظر أي عالم نظرية متأنية في أبعاد هذا الموضوع لوجد أن القول " بأن زواج الأقارب يعطي الفرصة لزيادة الأمراض الوراثية في الذرية " ليس قولا صحيحا في كل الأحوال .. قد يكون صحيحا في حالات معينة .. ولكنه ليس صحيحا في كل الحالات وبالتالي لا ينبغي أن يكون قانونا عاما أو قادة عامة .. آن الأوان أن ننظر لها نظرة علمية أثر دقة كذلك نقول إن الأحاديث التي ساقها البعض ليدلل على النصح بعدم زواج الأقارب .. هذه الاحاديث لم تثبت صحة إسنادها الى النبي محمد r .
وهناك بعض الحقائق الأساسية في هذا الموضوع : –

1- زيادة نسبة ظهور الأمراض الوراثية في الذرية الناتجة من العوامل الوراثية المتنحية من كلا الأبوين .. ليست معتمدة على زواج الأقارب في كل الأحوال ولكنها تعتمد أساسا على مدى انتشار العامل الوراثي المرضي المتنحي بين أفراد المجتمع ككل .

2- فإذا كان منتشرا بنسبة أكثر من 1 : 8 في المجتمع فإن زواج الأباعد لا يكون ضمانا لإنجاب أصحاء وراثيا .
نفهم من ذلك أن ظهور بعض الأمراض الوراثية في الذرية في المجتمعا التي تنتشر بين أفرادها العوامل الوراثية المرضية المتنحية انتشارا نحو 1 :8 تتساوى نسبة ظهورها في الذرية في زواج الأقارب وزواج الأباعد على سواء .
وهناك فرض آخر إذا كانت نسبة انتشار العامل الوراثي المرضي المتنحي في المجتمع أكثر من 12 % وكانت أسرة في هذا المجتمع نقية وراثيا في هذه الحالة فإن الزواج بين الأقارب في هذه الأسرة أفضل كثيرا وأكثر ضمانا من زواج الأباعد .
ومن أمثلة تلك الأمراض – مرض الأنيميا المنجلية :-
إذا كان العامل الوراثي المتنحي منحصرا في أفراد أسرة معينة أكثر مما هو في أفراد المجتمع من حولهم فإن زواج الأباعد يكون أفضل من زواج الأقارب .. أما إذا كان العكس هو الصحيح وكان أفراد الأسرة أنقياء وراثيا وأفراد المجتمع من حولهم ينتشر فيهم العامل الوراثي المتنحي ففي هذه الحالة يكون زواج الأقارب أكثر ضمانا وأمنا من زواج الأباعد فمثلا في بعض مناطق إيطاليا وصقلية يوجد العامل الوراثي المتنحي لمرض الأنيميا المنجلية منتشرا في أفراد المجتمع بنسبة تصل 10% والنسبة أعلى في مجتمعات أخرى مثل بعض مناطق كينيا حيث تصل النسبة إلى 40% في أفراد المجتمع فإذا افترضنا أن أسرة هاجرت إلي هناك وكان أفرادها أنقياء وراثيا من هذا العامل الوراثي .. أفلا يكون زواج الأقارب أفضل من زواج الأباعد ؟ .
مثل آخر مرضى الفاقة البحرية .. ويوجد هذا المرض في منطقة كبيرة من العالم تمتد من جنوب شرق آسيا وغربا حتى جنوب أوروبا وتشمل كل جنوب شرق أسيا والهند والباكستان وإيران وأفغانستان وشمال الجزيرة العربية وكل حوض البحر الأبيض المتوسط .
وفى بعض مناطق إيطاليا قد تصل نسبة انتشار هذا العامل الوراثي المرضي المتنحي الى 20% فلو عاشت أسرة نقية وراثيا في هذا المجتمع فإن زواج الأقارب يكون أفضل من زواج الأباعد .
2- هناك من الأمراض الوراثية الناتجة من عاملين وراثيين متنحيين أيضا ويندر وجودهما في أي مجتمع .. في هذه الحالة فإن زواج الأقارب قد يسبب ذرية بها تلك الأمراض أكثر من زواج الأباعد فكلما كانت نسبة انتشار العامل الوراثي المرضى المتنحي قليلة في المجتمع كلما كان زواج الأقارب يسبب نسبة أعلى في تلك الأمراض الوراثية المحدودة والمعينة من زواج الأباعد .

3- إن ظهور الأمراض الوراثية المتسببة من جينات متنحية في زواج الأقارب ليست بالكثرة التي يظنها البعض فقد أظهرت الدراسات التي أجريت بالكويت أن ظهور تلك الأمراض الوراثية ذات الجينات المتنحية كان أقل متوقعا وفي القبائل العربية التي يتحتم فيها أن يتزوج الرجل من ابنة عمه لم تظهر في تلك القبائل نسبة غير عادية من المعوقين أو المرضي .

4- كثير من الأمراض الوراثية تنتقل بعامل وراثي سائد واحد من الأب أو الأم فهي تحدث في زواج الأقارب والأباعد على سواء ومن أمثلة هذه الأمراض .

نقص التعظيم الغضروفي
مرض الحويصلات المتعددة بالكلية
مرض زيادة الحديد بالدم
مرض عدم اكتمال التكون العظمي
التليف ذو الحدبات
تناذر ديوبين جونسون
مرض ضمور عضلات الوجه والكتفين
مرض جيلبرت
أمراض الدم الوراثية
كوريا هند نجكتون أوداء الرقص
تناذر مارفان
مرض التوتر العضلي الخلقي
داء الأورام العصبية اليفية
مرض تعدد الأورام البوليبية بالقولون
داء الغرفيرين الحاد المتقطع


5- وهناك أمراض وراثية ليس لها علاقة بزواج الأقارب مثلا الأمراض الناتجة من اختلاف عامل روسوس بين الزوجين والطفل المغولي ومرض تيرنر ومرض كلا ينفلتر وأمراض أخرى .

6- وهناك أمراض وراثية مثل مرض النزف الدموي ( الهيموفيليا ) ومرض عمى الألوان هي أمراض وراثية تحدث في الذرية ومرتبطة بالجنس بمعنى أن الأم سواء كانت قريبة للزوج أو غير قريبة -لا فرق تحمل المرض ولكنها لا تعاني منه وتنقله الى اولادها الذكور فيظهر عليهم المرض أما بناته فيحملن المرض ولا يظهر عليهن وهذه الامراض ايضا ممكن الوقاية منها بالتخير الوراثي ونعنى به الاستشارة الوراثية قبل الزواج وتوجد مجموعة من الامراض التي تظهر نتيجة تجمع مجموعة من العوامل الوراثية ويطلق على هذه المجموعة اسم الامراض المتعددة الأسباب مثل مرض السكر وارتفاع ضغط الدم وقرحة المعدة وتصلب الشرايين .. الخ .

سبحان الله و بحمده

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.