تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » معركة مع ذئب للصف الثامن

معركة مع ذئب للصف الثامن

أولاً: القدس عربية النشأة: وهذا الكلام كلام دراسة موثّقة وليس كلاماً إنشائياً ولا كلاماً يصب في مصبِّ الهتاف والتصفيق والتظاهر، لذلك آمل أن نكون على بينة ونحن نحاول تكوين معرفة وثقافة عن القدس – القدس عربية النشأة، شاميّة مقدسة، إسلامية، تشكل مع المدينتين المقدستين مكة المكرمة والمدينة المنورة محوراً رمزياً يتجاوز قضية الجغرافيا، بل غدا قضيةً على مستوى الصراع الحضاري، وقد أريد له أن يكون مجرد حالة دينية ضيقة، تتحرك في هامش الخصوصيات الإسلامية الذاتية الغارقة في الصراعات الصغيرة وأن يُعزل عن كل مواقع القوة، ويُبعد عن مواطن القداسة الروحية المتمثلة في خصوصيته المنفتحة على كل قداسات الديانات الإلهية.

القدس عربية لأن الكنعانيين بنوها، وهي إسلامية وإسلامية ممتدة لأن إسلاميّتها لا تقتصر على خصوصيات المرحلة الإسلامية المنطلقة من نبوة محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم، بل كانت بدايتها منذ انطلاقة صفتها الدينية المقدسة في وعي الأنبياء الذين عاشوا فيها، وهاجروا إليها وتحركوا في رحابها، وامتدوا إلى ما حولها، إذ الإسلام دين الجميع: ﴿ووصّى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بَني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون﴾.

والقدس هي الأرض المقدسة والمحل الأقدس الذي نذرت له امرأة عمران ما في بطنها فكانت مريم عليها السلام، وقد تعاقب على القدس من الأنبياء ما لم يتعاقب على مكة المكرمة، والقدس قبلة الأنبياء جميعاً، وما صلاة المسلمين إليها سبعة عشر شهراً إلا تأكيد على الإسلام الممتد وهي نهاية المسرى ومنطلق المعراج، و: ﴿سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير﴾.

ثانياً: ادِّعاءات مزورة: يدعي اليهود – ولتكونوا على بينة من أمركم ومن أمر هذه الادعاءات – يدَّعي اليهود أن في القدس لهم جذور مقدسة فهم يتكلمون أولاً عن حائط البراق ويطلقون عليه حائط المبكى وهو جزء من المسجد الأقصى المبارك، يقول اليهود إن هذا الحائط هو الأثر المتبقي من هيكل سليمان. وهذا الادعاء محض كذب لأكثر من سبب:

أ- سليمان عليه السلام لم يكن يهودياً بالمعنى الذي يتحدثون عنه بل كان داود عليه السلام والد سليمان يلعنهم، يلعن هؤلاء الذين خالفوا تعاليم الأنبياء السابقين وهو ما يعرف بلعنة داود وقد قال القرآن الكريم: ﴿لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى بن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون﴾.

كما أن التعاليم اليهودية الحاخامية ظهرت بعد وفاة سليمان وبعد السبي البابلي لليهود فقد توفي سليمان عليه السلام 923 قبل الميلاد وكان السبي البابلي 586 قبل الميلاد، أي توفي سليمان قبل السبي البابلي وقبل ظهور التعاليم الحاخامية اليهودية.

ب- إن الهيكل المزعوم مصنوع من الخشب وهذا زعم التوراة فكيف تحول الخشب إلى حجارة ضخمة ؟ وقد أقرت عصبة الأمم عام 1930 من خلال لجنة البراق المكلفة ببيان تابعية الحائط قالت هذه اللجنة: إن الحائط هو جزء من الحرم القدسي الذي هو ملك للمسلمين.

يدَّعي اليهود أن نبي الله سليمان أمر ببناء معبد له في جبل موريا حيث يقوم اليوم الحرم القدسي، وكان الهيكل خشبياً بناه عمال كنعانيون بمواد وأخشاب من مدينة الطور ثم إن الهيكل دُمِّر كلياً على يد الرومان وانتهت آثاره من القدس، هكذا يقول اليهود، واليهود يحلمون اليوم بإعادة بناء هذا الهيكل على أنقاض المسجد الأقصى المبارك، ويقولون عندما يحين الموعد لا بد من زلزال يهدم الأقصى لبني الهيكل على أنقاضه.

ثالثاً: كذب وباطل في مواجهة صدق وحق:

1- إن أسفار موسى الخمسة المعتمدة من قبل فئات يهودية كثيرة وهذه الأسفار هي: التكوين والخروج واللاويين والتي تسمى أيضاً الأحبار والعدد والاشتراع أو التثنية لا تأتي على ذكر القدس من قريب أو من بعيد ومن أراد التأكد فليرجع إلى ذلك.

2- وأما هيكل سليمان فقضية أقرب إلى الأسطورة ويحاول الكيان الصهيوني الغاصب جاداً البحث عن أي أثر له ولكن دون جدوى وعلى فرض وجوده فقد دمره الغزو البابلي عام 587 قبل الميلاد.

3- آثار القدس المادية وغير المادية وسكان القدس وأرض القدس تدلل على عروبة القدس وإسلاميتها وفي مقابل هذا كله ما يمكن أن يشكل حجة أو دليلاً قادراً على المواجهة والمخاصمة المتكافئة.

4- القدس مقدسة في وعي المسلمين وتشكل عند المسلمين مهوى تدعمه العقيدة والعبادة والتاريخ وطموحات مشروعة فعن القدس قال ربنا: ﴿سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله﴾. وعن القدس والمسجد الأقصى قال نبينا صلى الله عليه آله وسلم كما روى البخاري: (لا تشد الرحال إلا لثلاث مساجد، المسجد الحرام، و مسجدي هذا، والمسجد الأقصى).

وقال عن ميمونة رضي الله عنها زوج النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قالت قلت: يا رسول الله، أفتنا عن بيت المقدس. قال: (نعم المصلَّى، هو أرض المحشر وأرض المنشر إيتوه فصلوا فيه، فإن الصلاة فيه كألف صلاة) قلت بأبي و أمي أنت، ومن لم يُطِق أن يأتيه ؟ قال: (فليُهْدِ إليه زيتاً يُسرَج فيه، فإن من أهدى إليه كمن صلّى فيه) أخرجه الإمام أحمد. والزيت هنا في رأيي يمكن أن يتنزّل على البترول العربي والمسلم، لأن البترول زيت، وبالتالي فعلى بلاد البترول تخصيص جزء من عائدات البترول للأقصى على سبيل الوجوب والإلزام وليس على سبيل المنة، يصرف هذا الجزء للجهاد والتحرير والصيانة والرعاية والثقافة.

وقد قال أيضاً صلى الله عليه آله وسلم: (لا تزال طائفة من أمتي على الدين ظاهرين ولعدوهم قاهرين، لا يضرهم من خالفهم، ولا ما أصابهم من البلاء حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك). قالوا يا رسول الله وأين هم ؟ قال: (في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس). أخرجه الإمام أحمد.

رابعاً: موقف وتوصيات: انطلاقاً من محكمات النصوص القرآنية الداعية إلى قتال المعتدي، ومن المعطيات العدوانية لتاريخ إسرائيل، ومن أحكام الفطرة السليمة التي ترفض الخضوع والخنوع والذل والاستكانة، ومن الدراسات الواعية التي أثبتت أن إسرائيل دخيلة على المنطقة، ومن واجب الدفاع عن العرض والنفس والدين، ومن حق المسجد الأقصى الذي هو ثالث الحرمين وأولى القبلتين، ومن ضرورة النصرة لإخواننا المظلومين ولنا فنحن مظلمون أيضاً فإننا نحدد طبيعة العلاقة مع العدو بما يلي:

1- الجهاد هو السبيل الوحيد لإنهاء الصراع مع العدو لتحرير فلسطين.

2- لا يجوز الاعتراف لليهود الغاصبين بشبر واحد من فلسطين ولئن كنا ضعفاء اليوم فكما قلت أكثر من مئة مرة: إن الحق الثابت لا يزيله الضعف العابر.

3- فلسطين أرض إسلامية فتحها المسلمون عنوة وهي وقف على كل المسلمين ولا يجوز لأحد بيع جزء منها.

4- لا يحق للاجئين الفلسطينيين ولا يجوز لهم التنازل عن حق العودة ولا يصح شرعاً ولا عقلاً بيع هذا الحق.

5- يجب العلم أن المحافظين الجدد في أمريكا والذين يحكمون أمريكا اليوم هم صليبيون متصهينون يؤمنون بالأسطورة التلمودية كل الإيمان، فالمسيح عندهم يأتي عندما يبنى الهيكل وتقع معركة معركة هرمجدون التي ينتصر فيها الأخيار على الأغيار ولا يبقى على سطح الأرض إلا شعب الله المختار كما يزعمون.

6- دعوا المجاهدين الصادقين في جهادهم عدوهم الأكيد ولا عدو لنا أيها الفلسطينيون إلا إسرائيل ومن كان مع كان مع إسرائيل إلا الصهيونية والصليبية المتصهينة، عدونا ليس فلسطينياً، عدونا ليس حركة تخالفنا في المنهاج والأسلوب، عدونا ليس هذا الذي يردد معي لا إله إلا الله محمد رسول الله، هذا ليس عدونا، قد يكون باغياً علينا قد يكون معتدياً علينا إلا أنه لا يشكل عدواً بالنسبة لنا وعلينا أن نصلح الأحوال معه وفق منهج القرآن الكريم وما جاء به سيدنا وقرة عيوننا محمد صلى الله عليه آله وسلم.

أما التوصيات فهي:

1- تعميق الصلة بين هذه المدينة الرمز وبين المسلمين ونشر ثقافة القدس بين المسلمين وتعميم هذه الثقافة لأننا نرى ضعفاً شديداً في الثقافة وأنا في خطبتي هذه أقوم بواجب كفائي آمل أن يقوم به عدد كبير من المسلمين حتى يتحقق هذا الذي نقوله.
2- إعلان التوأمة الحقيقية بين القدس الشريف وبين مكة المكرمة تقوم بذلك منظمة المؤتمر الإسلامي بالتعاون مع كل المنظمات العربية والإسلامية، التوأمة الحقيقية بين هاتين المدينتين وما يجري على التوأم يجري على الآخر، من يُكرم مكة فليكرم القدس الشريف.

3- تخصيص جزء من ميزانية الدول العربية والإسلامية لدعم هذه القضية.

4- إعلان القدس عاصمة للأمة العربية الإسلامية وللدولة العربية الإسلامية الموحدة المنشودة، عدونا يقول بملء فيه الكذاب بأن القدس عاصمة أبدية له. فلنعلن بأن القدس عاصمة للأمة الإسلامية وأنها ستكون عاصمة الدولة العربية الإسلامية الموحدة المنشودة، أولستم تنشدون الوحدة العربية والإسلامية ؟ إذاً فلتكن العاصمة هي القدس.

سبحان الله و بحمده

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.