وقد كانت اسرائيل تهدد كل أثر إسلامى فى فلسطين فان تهديداتها لا تذهب الى هدم "قبة الصخرة"، ولكن الى هدم "أولى القبلتين" بالذات، او فى الأقل الحفر تحت مسجدها بحثا عن "هيكل سليمان" المزعوم. ويعزو خبراء التاريخ الخلط بين المسجدين الى حملة صهيونية تهدف الى تضليل الرأى العام العربى والاسلامى والدولي، من اجل الزعم ان قبة الصخرة ما تزال، وان المقدسات الاسلامية لم تمس اذا ما تم هدم المسجد الاقصى. فالعرب والمسلمون سيرون "مسجد قبة الصخرة" موجوداً وبالتالى سيعتقدون ان "المسجد الاقصى" ما زال بخير.
وفى مسح احصائى ارسل عبر البريد الالكترونى الى اكثر من 500 مثقف ومفكر عربى سئلوا عن "مسجد قبة الصخرة" فاجاب اغلبهم بانه "المسجد الاقصى". مما يشير الى خلل خطير ومخيف. منطقة الاقصى ككل هى المساحة المحاطة بالسور المستطيل الواقعة فى جنوب شرق مدينة القدس المسورة والتى تعرف بالبلدة القديمة. وتبلغ هذه المساحة قرابة الـ 144 دونماً وتضم قبة الصخرة والمسجد الاقصى المسمى بالجامع القبلي، وعدة معالم اخرى يصل عددها إلى 200 معلم. ويقع المسجد الأقصى فوق هضبة صغيرة تسمى هضبة موريا وتعتبر الصخرة المشرفة هى أعلى نقطة فى المسجد وتقع فى موقع القلب بالنسبة للمسجد الأقصى.
ولمنطقة الأقصى أربعة عشر باباً منها ما تم إغلاقه بعد أن حرر صلاح الدين الأيوبى القدس، وقيل عددها اربعة، وقيل خمسة ابواب منها: باب الرحمة من الشرق، وباب المنفرد والمزدوج والثلاثى الواقعة فى الجنوب.
وأما الأبواب التى مازالت مفتوحة فهى عشرة أبواب هي: باب المغاربة "باب النبي"، باب السلسلة "باب داوود"، باب المتوضأ "باب المطهرة"، باب القطانين، باب الحديد، باب الناظر، باب الغوانمة "باب الخليل" وكلها فى الجهة الغربية. ومنها أيضاً باب العتم "باب شرف الانبياء"، باب حطة، وباب الأسباط فى الجهة الشمالية.
ومعنى الإسم "الأقصى" أى الأبعد، والمقصود المسجد الأبعد مقارنة بين مساجد الإسلام الثلاثة أى أنه بعيد عن مكة والمدينة على الأرجح.
وقد كان المسجد الأقصى يعرف ببيت المقدس قبل نزول التسمية القرآنية له بالاقصى. ويعتبر مسجد الاقصى ثانى مسجد وضع فى الأرض، والأرجح أن أول من بناه هو آدم عليه السلام، اختط حدوده بعد أربعين سنة من إرسائه قواعد البيت الحرام، دون أن يكون قبلهما كنيس ولا هيكل ولا معبد.
وكما تتابعت عمليات البناء والتعمير على المسجد الحرام فى مكة، تتابعت على الأقصى المبارك، فقد عمره سيدنا إبراهيم حوالى العام 2024 قبل الميلاد، ثم تولى المهمة أبناؤه إسحاق ويعقوب عليهم السلام من بعده، كما جدد سيدنا سليمان عليه السلام بناءه، حوالى العام 1000 قبل الميلاد.
ومع الفتح الإسلامى للقدس عام 636م "الموافق 15 للهجرة"، بنى عمر بن الخطاب رضى الله عنه الجامع القبلي، كنواة للمسجد الأقصى.
وفى عهد الدولة الأموية، بنيت قبة الصخرة، كما أعيد بناء الجامع القبلي، واستغرق هذا كله قرابة 30 عاما من 66 هجرية 685 ميلادية – 96 هجرية715 ميلادية، ليكتمل بعدها المسجد الأقصى بشكله الحالي.
للمسجد الأقصى قدسية كبيرة عند المسلمين ارتبطت بعقيدتهم منذ بداية الدعوة. فهو يعتبر قبلة الانبياء جميعاً قبل النبى محمد صلى الله عليه وسلم وهو القبلة الاولى التى صلى اليها النبى صلى الله عليه وسلم قبل أن يتم تغيير القبلة إلى مكة. وقد توثقت علاقة الإسلام بالمسجد الأقصى ليلة الاسراء والمعراج حيث اسرى بالنبى صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى وفيه صلى النبى إماماً بالانبياء ومنه عرج النبى إلى السماء. وهناك فى السماء العليا فرضت عليه الصلاة.
ويعتبر المسجد الأقصى هو المسجد الثالث الذى تشد إليه الرحال، فقد ذكر النبى صلى الله عليه وسلم ان المساجد الثلاثة الوحيدة التى تشد اليها الرحال هى المسجد الحرام، و المسجد النبوى والمسجد الأقصى.
وتعرض المسجد الأقصى عام 1969 لحريق على يد يهودى متطرف اسمه مايكل دينس روهن حيث تم حرق الجامع القبلى الذى سقط سقف قسمه الشرقى بالكامل، كما احترق منبر نور الدين زنكى الذى أمر ببنائه قبل تحرير المسجد الأقصى المبارك من الصليبيين وقام صلاح الدين الأيوبى بوضعه داخل المسجد بعد التحرير.
وعلى عكس ما يعتقد البعض أن المسجد الأقصى بناه عبد الملك بن مروان – وهو اعتقاد خاطئ حيث أن عبد الملك بن مروان بنى "قبة الصخرة" فقط . أما المسجد الأقصى فهو قديم، وهو أولى القبلتين، وثانى مسجد وضع فى الأرض، بنص الحديث الشريف.
وتضم معالم الأقصى مساجد وقبابا وأروقة ومحاريب ومنابر ومآذن وآبارا وغيرها من المعالم، ومنها:
"قبة الصخرة المشرفة: قبة الصخرة هى المبنى المثمن ذو القبة الذهبية، وموقعها بالنسبة إلى الأقصى ككل كموقع القلب من جسد الإنسان أى أنها تقع فى وسطه إلى اليسار قليلاً. وهذه القبة تعتبر هى قبة المسجد ككل، وهى من أقدم وأعظم المعالم الإسلامية المتميزة. وسميت بهذا الإسم نسبة إلى الصخرة المشرفة التى تقع داخل المبنى والتى عرج منها النبى صلى الله عليه وسلم إلى السماء على أرجح الأقوال لأن الصخرة هى أعلى بقعة فى المسجد الأقصى. وقبة الصخرة هى حالياً مصلى النساء فى المسجد الأقصى. والصخرة غير معلقة كما يعتقد عامة الناس، لكنه يوجد اسفلها مغارة صغيرة.
"الجامع القِبلى "بكسر القاف وتسكين الباء"، وهو الجزء الجنوبى من الأقصى المواجه للقبلة ولذلك سمى بالجامع القبلي، وهو المبنى ذو القبة الرصاصية.
ويعتبر هذا الجامع هو المصلى الرئيسى للرجال فى المسجد الأقصى، وهو موضع صلاة الإمام. وبنى هذا المسجد فى المكان الذى صلى فيه الخليفة عمر بن الخطاب عند الفتح الإسلامى للقدس عام 15هـ. وقد بدأ بناء هذا المسجد الخليفة عبد الملك بن مروان، وأتم بناءه ابنه الوليد بن عبد الملك.
– المصلى المرواني: ويقع تحت أرضية المسجد الأقصى، فى جهة الجنوب الشرقي.
– الأقصى القديم: ويقع تحت الجامع القبلي، وقد بناه الأمويون ليكون مدخلاً ملكياً إلى المسجد الأقصى من القصور الأموية التى تقع خارج حدود الأقصى من الجهة الجنوبية.
– مسجد البراق: ويقع عند حائط البراق.
وهناك أيضا مجموعة السبل والآبار الكثيرة حول الأقصى، فضلا عن المدرسة الأشرفية، وهى واحدة من المدارس الكثيرة حول الأقصى المبارك.