تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » الغزو المغولي لعالم الاسلامي للصف الثامن

الغزو المغولي لعالم الاسلامي للصف الثامن

الغزو المغولي لعالم الاسلامي

انشاء الله يعجبكم الموضوع

أوضاع المشرق الإسلامي إبان الغزو المغولي

إن الأمة المسلمة هي صاحبة الدور المؤثر والفعال في تاريخ البشرية ، لكونها خيرا أمة أخرجت للناس، غير أن هذه الخيرية مشروطة بإقامتها لشرع الله ، لكن إن قصرت الأمة في ذلك وركنت إلى الحياة الدنيا فإن الله يسلط عليها أمم الكفر حتى تثوب إلى الله سبحانه وتعالى وتعود لقيادة البشرية إلى صراط العزيز الحميد.

أحبتي في الله ، إن استفادة الأمة المسلمة من دروس الماضي سبب عظيم من أسباب فلاحها ونجاحها بإذن الله ؛ ولعل من أعظم دروس الماضي المتجددة هي تلك الدروس والعبر المستنبطة من أحداث الغزو المغولي للمشرق الإسلامي ، وسأحاول الكتابة في الحلقات القادمة عن هذا الغزو وماهي الدروس المستفادة منه.

في البداية نستطيع القول : إن المجتمع المغولي يتكون من مجموعة من القبائل التركية والمغولية والتترية ، والتي كانت تعيش في المناطق الممتدة من نهر سيحون غرباً وحتى الحدود الشرقية للصين.

وهي قبائل بدوية تتخذ من الرعي والصيد مهنة لها.

وعن ديانة المغول يقول ابن الأثير رحمه الله : (إنهم يسجدون للشمس عند طلوعها ، ولا يحرمون شيئاً ، فإنهم يأكلون جميع الدواب ، ولا يعرفون نكاحاً بل المرأة يأتيها غير واحد من الرجال). انتهى كلامه، كذلك كانت بعض قبائل ذلك المجتمع تدين بالنصرانية.

أما العلاقة بين تلك القبائل فقد كانت علاقة دموية حيث ساد بينها التنازع والتناحر والسلب والنهب. وفي أواخر القرن السادس الهجري تمكن الأمير المغولي (تيموجين) من توحيد قبائل ذلك المجتمع بعد أن قضى على كل منافسيه ، وفي عام 600هـ أقامت تلك القبائل حفلاً عظيماً تم فيه تنصيب الأمير (تيموجين) إمبراطوراً عليهم وأسموه (جنكيز خان).

وبقدر من الله سبحانه وتعالى توجهت أنظار المغول إلى المشرق الإسلامي ، فانطلقوا كالإعصار المدمر في سنة (616هـ) بزعامة (جنكيز خان) قاصدين الدولة الخوارزمية ليقضي الله أمراً كان مفعولاً.

أوضاع المشرق الإسلامي إبان الغزو المغولي:

أولاً: الأوضاع السياسية :

لقد أدى ضياع هيبة الخلافة العباسية إلى تمزق الوحدة السياسية للعالم الإسلامي، غير أن الحديث سيقتصر على الدول التي واجهت الغزو المغولي حتى لا تتشعب الدراسة ويطول الحديث. وتلك الدول هي:

1- الدولة الخوارزمية :
وتمتد حدودها من إيران وحتى نهر سيحون. وقد كان يحكمها السلطان علاء الدين محمد خوارزم شاه من الفترة (596هـ – 617هــ ) ثم خلفه ابنه جلال الدين منكبرتي من الفترة (617هـ – 628هـ).

وتعد الدولة الخوارزمية أقوى الدول الإسلامية التي واجهت الغزو المغولي ، لكن سلسلة الحروب الجاهلية التي خاضتها مع جيرانها المسلمين ، العباسيين ، والسلاجقة ، والأيوبيين ، وما كان عليه حكامها من ظلم وفساد ، جعلها تسقط على أيدي المغول في سنة ( ثمان وعشرين وستمائة).

2- الخلافة العباسية في بغداد :
وقد تدهورت أوضاعها كثيراً ، فبعد أن كانت الخلافة العباسية ملء سمع الدنيا في عهد هارون الرشيد رحمه الله ، أصبح سلطانها في القرن السابع الهجري لا يجاوز ضواحي بغداد ، إلى أن سقطت على أي أيدي المغول في سنة ( ست وخمسين وست مائة هـ) في زمن المستعصم بالله آخر خليفة عباسي في بغداد والذي بدأت خلافته في سنة (أربعين وست مائة).

3- الأيوبيون في مصر والشام والجزيرة الفراتية:
لم يكن خلفاء صلاح الدين الأيوبي رحمه الله يحملون الروح الجهادية نفسها التي كان يحملها صلاح الدين رحمه الله ، بل انصرفوا بعد وفاته إلى التقاتل فيما بينهم للسيطرة على البلاد التي كان يحكمها صلاح الدين ، وبروح جاهلية مقيتة جعلت بعضهم يستعين بالصليبيين للاستيلاء على بلاد البعض الآخر ، وقد بلغت ببعض سلاطينهم شهوة الحكم وعبادة الدنيا حداً بعيداً ، بلغ بأحدهم أن أعطى بيت المقدس للصليبين حتى يعاونوه في حروبه للسيطرة على باقي البلاد التي كان يحكمها صلاح الدين ، وذلك كله من أجل دنياً فانية ، تعقبها حسرة وندامة ، نسأل الله السلامة والعافية.

4- دولة سلاجقة الروم :
وتقع دولتهم في آسيا الصغرى المعروفة بتركيا حالياً. وقد سموا بالروم لمجاورتهم لبلاد الروم ، وذلك تمييزاً لهم عن سلاجقة إيران الذين قامت على أنقاضهم الدولة الخوارزمية ، ولم يكن حالهم بأفضل من غيرهم بل دخلوا مع جيرانهم المسلمين في حروب جاهلية مقيتة.

5- فرقة الإسماعيلية :
وهي فرقة باطنية ظاهرها التشيع لآل البيت ، وحقيقتها الإلحاد والشيوعية والإباحية وهدم الأخلاق. مؤسس هذه الفرقة هو (الحسن بن الصباح) الذي كان يدعو إلى إمامة نزار بن الحاكم العبيدي (الفاطمي) المستنصر بالله.

وانطلاقاً من استراتيجية الفرق الباطنية التي ظهرت خلال التاريخ الإسلامي نجد أنها تختار القلاع والحصون المنيعة التي يصعب مهاجمتها ، وهذا بالفعل ما فعلته هذه الفرقة حيث تحصن أصحابها في القلاع المنتشرة في بلاد الشام وفارس وجنوب بحر قزوين ، وذلك ابتداءً من سنة (417هـ) (سبع عشرة وأربعمائة). وبمرور الوقت أصبحت تلك القلاع أوكاراً تدار فيها المؤامرات على البلاد الإسلامية ، حيث تحالف الباطنيون مع الصليبين ضد الأمة الإسلامية ، واغتالوا عدداً من القادة والوزراء والعلماء المسلمين.

وخلاصة القول في مبحث الأوضاع السياسية في المشرق الإسلامي أن حكام البلاد الإسلامية سيطرت عليهم الروح الجاهلية وأصبح كل واحد منهم يتربص بالآخر. وقد لخص ابن الأثير رحمه الله حال أولئك الحكام بقوله : ( فما نرى في ملوك الإسلام من له رغبة في الجهاد ، ولا في نصرة الدين ، بل منهم مقبل على لهوه ، ولعبه ، وظلم رعيته ، وهذا أخوف عندي من العدو ، قال تعالى : (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة).

ثانياً : الأوضاع الدينية في المشرق الإسلامي :

لقد كان الانحراف العقدي ولا يزال من أكبر أسباب تسلط الأمم الكافرة على الأمة المسلمة ، حيث رأينا فيما سبق أن ضعف عقيدة الولاء والبراء لدى حكام المشرق الإسلامي جعلت سيوفهم تتجه إلى أهل القبلة بدلاً من أن تتوحد ضد عبدة الأوثان والصلبان.

وقد مر بنا أن بعضهم تعاون مع الصليبين ضد المسلمين ، وسوف يأتي معنا لاحقاً أن بعضهم تعاون مع المغول ضد أمته ، مختارين بذلك صحبة عبد الله بن سلول ، بدل صحبة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

وإلى جانب هذا الانحراف العقدي وجدت هناك انحرافات أخرى مثل ظهور الفرق الباطنية كالإسماعيلية والنصيرية ، والدرزية ، والتي عدها ابن تيمية رحمه الله من أسباب تسلط الكفرة على بلاد المسلمين.

وأما مذهب المعتزلة فإن سوقه كانت رائجة عند أهل خوارزم وما وراء النهر ، فانشغل المسلمون في تلك البلاد بالمناظرات الجدلية العقيمة التي صرفت الناس عن تعلم أمور دينهم ، وعن الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى.

وإلى جانب ما تقدم فإننا نجد أن التفسخ والمجون بدأ ينتشر في المجتمعات المسلمة بسبب انغماس الخلفاء والسلاطين والوزراء والأغنياء في الترف الذي أصاب الحياة فأفسدها ، وقد صاحب ذلك الترف ظهور فتنة الجواري المغنيات اللواتي ملأن القصور وشغلن الحاكم والمحكوم . هذه الظروف كلها مهدت لظهور التصوف في المجتمعات الإسلامية كردة فعل لانتشار الترف والمجون ، ومع أن المتصوفة في بدايتهم كانوا أقرب ما يكون إلى الزهد ، لكن درجة انحرافهم اتسعت مع الوقت وظهر منهم الغلاة الذين أفسدوا عقائد الناس ، وفيهم يقول ابن تيمية رحمه الله : ( وكثيراً ما كنت أظن أن ظهور مثل هؤلاء أكبر أسباب ظهور التتار ، واندراس شريعة الإسلام).

وهنا ينبغي التنبيه إلى الفرق بين الزهد والتصوف ، فالزهد في متاع الحياة الدنيا هو ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم ، لكن ذلك لم يمنعه من إقامة شرع الله ، والدعوة إلى الله ، والجهاد في سبيله ، أما التصوف فهو نزعة منحرفة عن عقيدة أهل السنة والجماعة ، لأنه أصاب عقائد الناس في مقتل ، ومن أمثلة ذلك ما يلي :

1- تعطيل فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وترك الساحة للباطل يفعل فيه ما يشاء ، لأن التصوف هو عملية هروب من مواجهة الواقع ومجالدته.

2- ظهور التواكل الذي هو عكس التوكل ، فالتوكل هو الاعتماد على الله سبحانه وتعالى مع الأخذ بالأسباب ، أما التواكل عند الصوفية فهو تعطيل الأخذ بالأسباب ، والنظر إليها على أنها من مقامات العامة السذج ، الذين لم يعرفوا الله سبحانه وتعالى حق المعرفة ، ومع تعطيل الأخذ بالأسباب تشيع البطالة ، والاتكالية ، والسلبية بين الناس ، مما يصيب الأمة بالشلل ويعجل في زوالها ، وهذا ما يريده أعداء الأمة ، الذي يحرصون على إشاعة مثل هذا الفكر بين المسلمين في كل زمان ومكان.

3- الفهم الخاطئ لعقيدة القضاء والقدر ، والنظر إلى تسلط الكفرة على المسلمين بعين الرضا والتسليم ، لأن ذلك بزعمهم من أصول الإيمان بالقضاء والقدر ، وفي ذلك يذكر أحد شيوخ الصوفية ما دار في نفسه من إنكار لما جرى من المغول في حق المسلمين ، فيقول : ( فأنكرت ذلك بقلبي وقلت : يا رب كيف هذا وفيهم الأطفال ، ومن لا ذنب له ؟ فرأيت تلك الليلة في المنام رجل في يده كتاب فأخذته منه فإذا فيه :

دع الاعتراض فما الأمر لك ** ولا الحكم في حركات الفلك
ولا تسـأل الله عن فعلـــه ** فمن خـاض لجة بحــر هلك

قال : فاستغفرت الله وأمسكت). انتهى

أحبتي ، لقد أمسك ذلك الرجل حتى عن الإنكار بالقلب ، وذلك أضعف الإيمان ، نعوذ بالله من الخذلان ، وتلبيس الشيطان.

4- قتل روح العزة والكرامة في نفوس الناس ، لأن الصوفية تربية إذلال وعبودية للشيخ ، فالمريد بين يدي شيخه كالميت بين يدي غاسله ، يقلبه كيف يشاء.

وإلى جانب ما تقدم أيضاً من المخالفات الشرعية فإننا نجد أن بعض الحكام كان يتعاطى التنجيم ويرعى المنجمين ، والبعض الآخر نجد أن همته قد انصرفت إلى تزيين المقابر والأضرحة ، وبناء القباب عليها ، ووقف الحمام عليها.

هذا وقد كان للشعراء (وهم وسيلة إعلام ذلك العصر) دور خطير في إفساد عقائد الناس ، وإعاشة الحاكم والمحكوم في عالم من الوهم لم يستفيقوا منه إلا تحت ضربات سيوف المغول.

وكذلك كان لهم دور كبير في صرف الحاكم والمحكوم عن تدبر الآيات والنذر الربانية التي يذكر الله سبحانه وتعالى بها عباده حتى يستفيقوا من غفلتهم، ومن ذلك قول أحدهم عندما زلزلت الأرض بجانبي بغداد ثلاث مرات في سنة إحدى وأربعين وست مائة :

هذاالإمام أدام الله دولته** له من الجود مايغني بأيسـره
عم الأنام ندى في العيد نائله** وارتجت الأرض خوفاًمن عساكره …

الرجاء التقييم

سبحان الله و بحمده

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.