السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
البحتري (821م -898 )
أبو عبادة الوليد بن عبيد البحتري الطائي، عربي من قبيلة طيء، ولد في "منبج" قرب حلب عام 206 هـ. ونشأ نشأة عربية خالصة؛ فقد كانت عشيرته "بحتر" تعيش بين البداوة والحضارة، ثم ذهب إلى حلب، وتنقل بين مدن الشام وقراه يمدح العامة والأمراء الصغار تكسباً بشعره. وفي حمص التقى بأبي تمام، وكان لقاؤه به نقطة تحول في حياته، إذ أولاه أبو تمام رعايته وعنايته لما لمس فيه من شاعرية، ولأنه ينتمي إلى طيء قبيلة أبى تمام، ولذلك قال له أبو تمام: أنت والله يا بنيّ أمير الشعراء من بعدي. وقدم له نصيحة أدبية مهمة أفادته في نظم الشعر وتجويده، حيث قال له: (يا أبا عبادة، تخير الأوقات وأنت قليل الهموم صِفْرٌ من الغموم، واعلم أن العادة في الأوقات أن يقصد الإنسان لتأليف شيء أو حفظه في وقت السحر، وذلك أن النفس قد أخذت حظها من الراحة وقسطها من النوم، فإذا أردت النسيب فاجعل اللفظ رقيقاً والمعنى رشيقاً، وأكثر فيه من بيان الصبابة وتوجع الكآبة وقلق الأشواق ولوعة الفراق.. وإياك أن تشين شعرك بالألفاظ الزرية، وكن كأنك خياط يقطع الثياب على مقادير الأجساد، وإذا عارضك الضجر فأرح نفسك ولا تعمل إلا وأنت فارغ القلب، واجعل شهوتك إلى قول الشعر الذريعة إلى حسن نظمه …)
وقد ظل البحتري وفياً لأستاذه أبي تمام رغم ما قيل عنه من التقلب وعدم الوفاء، حتى إنه رد على من قال له: أنت أشعر من أبي تمام بقوله: ما ينفعني هذا القول ولا يضر أبا تمام، واللهّ ما أكلت الخبز إلا به، ولوددت أن الأمر كما قالوا، ولكني والله تابع له آخذ منه، لائذ به، نسيمي يركد عند هوائه، وأرضي تنخفض عند سمائه.
وبعد أن أصبح له شهرة في سماء الشعر اتصل بالخليفة العباسي المتوكل ووزيره الفتح بن خاقان ولازمهما حتى قتلا معاً في سامراء عام 247 هـ وهو حاضر في المجلس، فهرب وزار المدائن. ونظم سينيته المشهورة في إيوان كسرى. وبعد ذلك ظل يمدح الخلفاء والوزراء والقادة، ويأخذ منهم الجوائز والصلات حتى جمع ثروة طائلة، وفي آخر أيامه عاد إلى قريته "منبج"، وأقام بها إلى أن توفي عام 284هـ.
حفظ البحتري لأبي تمام حق الأستاذية ونصيحة الأيام الأولى وهو يخطو على درب الشعر أولى خطواته فلما قال بعضهم للبحتري إن الناس يزعمون أنك أشعر من أبي تمام فقال و الله ما ينفعني هذا القول و لا يضر أبا تمام والله ما أكلت الخبز إلا به و لوددت أن الأمر كما قالوا ولكني والله تابع له آخذ منه لا يؤذيه نسيمي يركد عن هوائه أرضي تنخفض عند سمائه ، كانت فنونه الشعرية متأثرة بهذه الكلمات الأولى لأبي تمام فجاء شعر البحتري سهلاً رشيق العبارة واضح الصورة قوي النسيج فصيحاً مطرباً عذباً فكان فريداً بين شعراء عصره.
من أشعاره:
قصيدته في علوة الحلبية:
خيال يعتريني في المنام …… لسكرَى اللحظِ فاتنةِ القوامِ
لعلوةَ إنها شجن لنفسي …… وبالبال لقلبي المستهام
سلام الله كلَّ صباح يومٍ …… عليك ومن يبلّغ لي سلامي
لقد غادرت في قلبي سقاماً …… بما في مقلتيك من السهامِ
أأتخذ العراقَ هوىً وداراً ….. ومن أهواه في أرضِ الشآم
و من قصيدة ( أغيب عنكَ ) كانت هذه الأبيات:
أغيبُ عنكَ بودٍّ لا يغيّرهُ …… نأي المحل و لا صرفٌ من الزمن
فإن أعِش فلعل الدهر يجمعنا …… و إن أمت فبطول الشوق و الحَزَنِ
تعتلُّ بالشغل عنّا ما تُلمُّ بنا …… الشغل للقلب ليس الشغل للبدن
قد حسن الله في عيني ما صنعت …… حتى أرى حسنا ماليس بالحسن ِ
وهذا تقرير كامل عن البحتري
حياة الشاعر:
البحتري (821-898): أحد أشهر الشعراء العرب في العصر العباسي. هو أبو عبادة الوليد بن عبيد بن يحيى. ولد في منبج إلى الشمال الشرقي من حلب. ظهرت موهبته الشعرية منذ صغره. انتقل إلى حمص ليعرض شعره على أبي تمام، الذي وجهه وأرشده إلى ما يجب أن يتبعه في شعره. انتقل إلى بغداد عاصمة الدولة فكان شاعراً في بلاط الخلفاء: المتوكل والمنتصر والمستعين والمعتز بن المتوكل، كما كانت له صلات وثيقة مع وزراء في الدولة العباسية وغيرهم من الولاة والأمراء وقادة الجيوش. بقي على صلة وثيقة بمنبج وظل يزورها حتى وفاته. خلف ديواناً ضخماً، أكثر ما فيه في المديح وأقله في الرثاء والهجاء. وله أيضاً قصائد في الفخر والعتاب والاعتذار والحكمة والوصف والغزل. كان مصوراً بارعاً، ومن أشهر قصائده تلك التي يصف فيها إيوان كسرى والربيع.
الوليد بن عبيد بن يحيى البحتري. كنيته ابو عبادة، وهو يمني قحطاني من ناحية أبية، عدناني من ناحية أمة، ولد في منبج – قرب حلب – ودرس فيها علوم الدين واللغة والأدب. ولما أنس من موهبته الشعرية تفتحاً رعاها بحفظ اشعار الاقدمين والتدرب على النظم.
هو أبو عبادة الوليد بن عبيد بن شملال بن جابر ،وقد لقب بالبحتري نسبة إلى أحد أجداده وهو بحتر بن عتود.
ولد سنة 200 وقيل سنة 2024 ب"منبج" وهي بلدة بالشام بين حلب والفرات ونشا بها نشأة عربية خالصة وبدا ينظم الشعر صغيرا ،واحب البحتري علوة الحلبية وشبب بها في كثير من قصائده ، لكنه لم يشتهر إلا بعد اتصاله بابي تمام الطائي.
ولما استوثق من قوة شاعريته يمم شطر بغداد عاصمة الخلافة الإسلامية آنذاك، ومدح ابن الزيات وزير الخليفة الواثق ،ولم يتصل بالخليفة الواثق أو يمدحه بل مدح ابنه المتوكل حين اصبح خليفة من بعده وبن خاقان، وقدم في مدحهما أجود شعره واحسن قصائده .أجاد البحتري في اكثر أنواع الشعر وان امتاز بالوصف ، لكنه قصر في الهجاء .
ومن مميزات شعره حسن الديباجة وقرب معانيه من النفس وسهولة الألفاظ وعدم التكلف .
قيل للبحتري :ايما اشعر أنت ام أبو تمام ؟ فقال :"جيده خير من جيّدي وسيئي خير من سيئه"
فائدة الموضوع: معرفة معلومات اضافية عن حياة الشاعر .
اثر الموضوع على النفس: اخذ العبرة من حياة الشاعر وذلك لما عرفته بانه كان فقير واصبح ثري بعد هذا النضال والكفاح.
الصعوبات: لقد واجهت صعوبات في الحصول على معلومات عن حياة الشاعر في طفولته.
تقسيم الموضوع: تم تقسيم الموضوع على هيئة ابواب وذلك ابتداءاً من المقدمة فالعرض ثم الخاتمة والمراجع، والهامش واخيراً الفهرست.
حياته الشعرية:
لما اراد صقل موهبته الشعرية وتهذيبها، رحل الى حمص، حيث كان ابو تمام، فعرض عليه شعره، واتصل به يتعلم منه. وكان أول ما قال له ابو تمام ((يا أبا عبادة، تخير الأوقات، وانت قليل الهموم، صفر من الغموم….. فاذا اردت النسب فاجعل اللفظ رقيقاً، والمعنى رشيقاً، واكثر فيه من بيان الصبابة، وتوجع الكآبة، وخلق الاشواق، ولوعة الفراق، واذا اخذت في مدح سيد ذي ايادٍ، فاشهر مناقبه، واظهر مناسبه، واجعل شهوتك لقول الشعر الذريعة الى حُسن نظمة. فان الشهوة نعم المعين، وجملة الحال ان تعتبر شعرك بما سلف من شعر الماضين، فما استحسنه العلماء فاقصده، وما تركوه فاجتنبه)).
أدبه:
للبحتري " كتاب الحماسة" وديوان شعر كبير فيه مدح ورثاء وفخر وعتاب ، وخير ما فيه الوصف .كان مدحه وسيلة تكسُب وأسلوبه فيه تقليدياً ، وقد امتاز بالصفاء والتلقائية والعذوبة والائتلاف بين الطبيعة والصنعة .
شاعر الوصف :
كان البحتري في وصفه شاعر الخيال الخصب ، والصفاء والجلال أما موضوعات وصفه فمرجعها إلى الطبيعة والعمران ، وأما أسلوبه في وصفه فيختلف بين البداوة والحضارة ، وقد استمد البحتري من الحضارة بعض الترابط الفكري ، والتصويري ، وحسن التأليف بيم أركان التشبيه واستمد من البداوة ماديتها المسيطرة ، ونقلها الصادق ، وتجسيدها التضخيمي ، ولم يغرق في التعقيد والزخرفة البديعية . وصف البحتري من مشاهد الربيع ، والمطر والأزهار والذئب والأسد والفرس أما الربيع فقد جعله مهرجان الوجود وشخَص كل ما فيه وابرز فيه يقظة الطبيعة ووصف البحتري من العمران بركة المتوكل وإيوان كسرى . البحتري شاعر البداوة والحضارة ورجل النقل والتأمل ، ورجل البناء الوصفي الفني والصناعة البديعية الجميلة وشاعر الغنة الساحرة .
صفات وأخلاق البحتري:
كان البحتري على أدبه وفضله ورقته من أوسخ خلق الله ثوباً وابخلهم على نفسه وغيره . وكان كما يروى عنه بعض خصومة من أبغض الناس إنشاداً : يتشادق ويتزاور في مشيته جانباً أو القهقرى ، ويهز رأسه مرة ومنكبيه أخرى ، ويشير بكمه عند كل بيت ويقول : أحسنت والله ! ثم يقبل على المستمعين قائلاً : مالكم لا تقولون أحسنت ؟ هذا والله ما لا يحسن أحد أن يقول مثله . ولكنه كان منصفاً يعترف بالفضل لأهله ولا يدعي ما ليس له . قال بعض الناس وقد سمع شعره : أنت أشعر من أبي تمام . فقال : ما ينفعني هذا القول ولا يضر أبا تمام . والله ما أكلت الخبز إلا به ، ولوددت أن الأمر كما قالوا ، ولكني والله تابعٌ له ، آخذ منه ، لائذٌ به ، نسيمي يركد عند هوائه ، وأرضي تنخفض عند سمائه ! …
شـــــــــعره:
ترسم البحتري خطو أبي تمام في الشعر ومضى على أثره في البديع ، إلا أنه أجاد في سبك اللفظ على المعنى " وأراد أن يشعر فغنى " كما قال فيه ابن الأثير واستمد معاينة من وحي الخيال وجمال الطبيعة لا من قضايا العلم والمنطق ، فأعاد للشعر ما ذهب من بهجته وروعته ، وإلى ذلك أشار المتنبي بقوله : { أنا وأبو تمام حكيمان ، والشاعر البحتري } ، ثم صارت له طريقة خاصة في الجزالة والعذوبة والفصاحة امتاز بها من أستاذه ومدربه ، ونهجها معاصروه ومن جاء بعدهم من الشعراء . وعرفت بطريقة أهل الشام . وقد تصرف أبو عبادة في فنون الشعر إلا في الهجاء ، فإن بضاعته فيه نزره وجيده منه قليل . ويقال إنه أحرق هذا النوع قبل موته وهو الأرجح . ولم يسلم شعره من الساقط الغث لكثرته ، وإنما يمتاز بالإجادة في المدح والقصد فيه ، والقدرة على تصوير أخلاق الممدوح ، والإبداع في وصف القصور الفخمة والأبنية العجيبة ، كوصف إيوان كسرى ، وبركة المتوكل ، وقصر المعتز بالله . وقصائده تكاد لا تخلو من افتتاح بالغزل . وقد جمع شعره أبو بكر الصولي ورتبه على الحروف . وله غيره كتاب معاني الشعر وحماسة البحتري . وهي كحماسة أبي تمام ، إلا أنها تمتاز بكثرة أبوابها وخلوها مما تنبو الأسماع عنه ؛ وطبعت في بيروت .
رحل البحتري بعدها الى بغداد وسر من رأى، يتصل بالوزراء وكبار الرجال. ومن الشعراء الذين اتصل بهم وعاصروه غير ابي تمام: دعبل الخزاعي، وابن الرومي، وعلي بن الجهم، وابن المعتز، وابن الزيات، وابن طاهر.
نشأ البحتري فقيراً وانتهى غنياً، لأنه كلن يسعى مثل شعراء عصره الى الاكتساب من مدح الخلفاء والوزراء والكتاب والقوّاد. وقد سعى البحتري جهده في ذلك، فاكثر من شعر المديح يفتتحه بالغزل ويضمنه بالحكمة، والعاطفة، والفخر والوصف وتسجيل حوادث العصر.
اتصل البحتري بالخليفة المتوكل، وصار شاءه يرافقه ويؤانسه ويسجل مآثره زهاء خمسة عشر عاماً، مما قال في مدحه:
يا ابن عم النبي حقاً، ويا ازكى قريش: نفساً، وديناً، وعرضا
بنت بالفضل والعلّو فاصبحت سماء، واصبح الناس ارضــا
وارى المجدبين عارفة منك ترجى، وعزمةٍ منك تُمضـــى
وحين ولى المتوكل اولاده الثلاثة ولاية العهد قال البحتري:
حاط الرعية حين ناط امورهــا بثلاثة بكروا ولاة عهـــود
كانوا أحق بعقد بيعتها ضحـــا وبنظـم لؤلؤ تاجها المعقـود
ويقول في وصف بركة قصر الجعفري الذي بناه المتوكل احلى قصائده في الوصف:
يا من رأى البركة الحسناء رؤيتهـــــــــــا
والآنسات اذا لاحت مغانيهــــــــــــــا
كأن جنّ سليمــــــــان الذين ولــــــوا
ابدعهــــا فـــــــادقوا في معانيهــــا
تنصبّ فيها وفود المـــــــاء معجلـــــة
كالخيل جــــــــارية من حبل مجريهــــا
واتصل البحتري بمستشار المتوكل ونديمه الفتح بن خاقان فمدحه، ومن ذلك وصفه لمبارزة ابن خاقان اللأسد:
هزبر مشى يبغي هزبراً، وأغلبٌ
من القوم يغشى باسل الوجه أغلباً
وحين قتل المتوكل في مجلس كان يحضره، اعتزل فترة متألماً، ثم دفعته الحاجة الى مدح المنتصر بعده ثم المستعين، دون ان تكون صلته بهما قوية، فقال يمدح المنتصر:
وبحـــر يمــدّ الراغبون عيونهــــــم
الى ظــــــاهر المعـــروف فيهم جزيلة
تـــــرى الأرض تسقى غيثها بمــــروه
عليهـــــــــا وتكسي نبتها بنذولــــه
وقد هجا المستعين بعدما آلت الخلافة الى المعتز، ومن المعتز نال جاهاً ومالاً كثيراً. وفي آخر ايامه عاد الى منبج، ومات فيها.
طرق البحتري، فضلاص عن المدح، باب الرثاء والغزل والحكمة، لكنه اجاد في الوصف، فهو قدير على تصوير ما يرى، يصف لك احساسه ويشرك في ذلك عينيه وقلبه. فيقول في وصف الطبيعة:
سرى البــــــــرق يلمــــــع في مزنةٍ
تمــــــــدّ الى الأرض أشطانهـــــــا
فكــــــــم بالجزيرة في روضـــــــةٍ
تضـــــــاحك دجلة ثغبانهــــــــــا
تـــــــريك اليواقيت منثـــــــــورةً
وقد جلّل النـــــــّورُ ظهرانهـــــــــا
هذي الرياض بدا لطـــرفك نورهـــــــــا
فــــــأرتك احسن مـــن ربـــاط السندس
ينشرن وشياً، مــــذهباً، ومـــــديحـــــاً
ومطـــــارفـــــاً نسجت لغيــــر الملبس
وقال في وصف الربيع احلى الصور:
اتاك الربيع الطلق يختال ضاحكــــاً
من الحسن حتى كــاد ان يتكلمــــا
وقد نّبه النيروز في غسق الدجــــى
اوائل وردٍ كن بالأمس نومــــــا
يفتقها برد الندى، فكأنــــــــه
يبث حديثاً كان من قبل مكتمــــاً
وصف إيوان كسرى:
لقد وصف البحتري إيوان كسرى في المدائن . وكانت المدائن عاصمة الأكاسرة قرب بغداد قصدها الشاعر في يأسٍ وكآبةٍ شديدة ، ووقف في طلولها متأملاً ، وراح يبثها أشجانه معبراً عما آلت إليه بعد عز طبق الآفاق ، ومجدٍ حسدتها عليه الدهور فعملت على هدمه وجعلته عبره لمن اعتبر .
المدائن : جمع مدينة ، اسم لمجموعة من المدن أنشأها الغزاة والملوك عصراً بعد عصر ، في بقعة جميلة قريبة من دجلة . وقيل أن الاسكندر بنى هنالك مدينة وسورها ، ثم بنى أنوشروان بن قياذ المدائن وأقام بها هو ومن بعده من ملوك بني ساسان إلى أيام عمر بن الخطاب ، وكان كل واحد منهم إذا ملك بنى لنفسه مدينة إلى جنب التي قلبها وسماها باسم ، وكان فتح المدائن كلها على يد سعد بن أبي وقاص . وقيل إنها كانت بعاً بين كل مدينة إلى الأخرى مسافة قريبة أو بعيدة ، فلما ملك العرب ديار الفرس واختطت الكوفة والبصرة انتقل إليهما الناس عن المدائن وسائر مدن العراق ، ثم اختط الحجاج واسطاً فصارت دار الإمارة ، فلما زال ملك بني أمية اختط المنصور بغداد فانتقل إليها الناس ، ثم اختط المعتصم سامراً فأقام الخلفاء بها مدة ، ثم رجعوا إلى بغداد . والمدائن اليوم بلدة صغيرة بينها وبين بغداد نحو أربعين كيلومتراً ، وفيها بقايا الإيوان المشهور .
الإيوان : في المدائن من بناء كسرى أبرويز ولم يبق منه إلا الطاق ، وهو مبني بآجر طول كل آجرةٍ نحو ذراع في عرض أقل م شبر ، قيل إن أبا جعفر المنصور هو الذي أمر بتخريبه عندما أراد بناء بغداد . والطاق عظيم في ضخامته ، ولا يزال إلى اليوم مشمخراً في عزلته وانفراده ، يروى للأجيال المتعاقبة خبر الممالك والدول ، وحكاية الحياة التي تكتنفها عوامل الزوال .
وكثيراً ما تردد الناس إليه ، وكثيراً ما وقف الشعراء عنده متأملين ، وخطواً على جدرانه آيات التأمل والاعتبار كما فعل الملك العزيز جلال الدولة البويهي عندما اجتاز على الإيوان وكتب عليه بخطه :
يا أيها المغرور بالدنـيـا اعتـبـر
بديار كسرى ، فهي معتبر الورى
غـنـيت زمـانـاً بالـمـلـوك أصـبـحـت
مـن بـعـد حـادثـة الـزمان كما ترى
وايوان كسرى الذي زاره في المدائن تخفيفاً عن الآم نفسه، فاسترجع صور حضارة الفرس في وصفه، نظم فيه قصيدته السينية الشهيرة، منها:
وكأن الايوان من جب الصنعة جوب في جنب ارعن جلس
مشمخر تعلو له شرفات رفعت في رؤس رضوى وقدس
لابسات من البياض، فما تبصر منها الا غلائل بـــرس
تأثر البحتري بالشعراء العرب
تأثر البحتري بكبار الشعراء، خاصة بابي تمام، فأخذ كثيراً من اقواله وقاس عليها، لكنه لم يجعل الحكمة بين اغراض شعره، ولا صبغة فلسفيته، ولقد تخير الاسلوب وانتقى الألفاظ ليوضح المعاني. وللبحتري مكانه رفيعه بين الشعراء العرب، فقالوا ((انه من المطبوعين علة مذاهب الأوائل، ولم يفارق عمود الشعر)).
تجنب البحتري العقيد، والالفاظ المستكرهة، والاستعارات الغريبة، وقد كان قديراً في مدحه شأن شعراء عصره، لكنه بزهم فقد (( اسقط في ايامه اكثر من خمسمائة شاعر، وذهب بخيرهم وانفرد باخذ جوائز الخلفاء والملوك دونهم)). ولو كان هذا القول مبالغة، لكنه يصور حقيقة منزلته.
ترك البحتري ديواناً ضخماً رتبه علي بن حمزة الاصفهاني ونشر حديثاً. كما ان له كتاب الحماسة اختار فيه من شعر نحو ستماية شاعر، اكثرهم من الجاهليين والخضرميين، وجعله في ثلاثة ابواب: واحد للحماسة، وواحد للرثاء، وواحد للأدب. وهو يشترك مع ابي تمام في كثير من الشعراء الذين رويا عنهم.
تلك هي صفحة من حياة الشاعر العربي الوصّاف ابي عبادة البحتري، مليئة بالإحساس، محفوفة بالمجد. وان اشعاره صورة صادقة من حياته الواقعية المليئة بالكفاح والنضال.
اهم نتائج البحث:
الوصول الى اهم الاحداث التي عاشها الشاعر خلال مسيرته الشعرية ومعرفة الاساليب التي مارسها الشاعر للوصول الى بلاط الملوك والخلفاء بالإضافة الى اهم مميزات الشعر العباسي والتي عاشها شاعرنا العربي وعذابة ورقة الفاظ هذا الشاعر المخضرم.
الرأي في الموضوع:
فإن الموضوع تميز بتعريف الشاعر من خلال ما حصلت عليها من معلوما من مصادر متفرقة منذ بداية حياته حتى مماته ثم الانتقال الى التسلسل في العرض من خلال التطرق الى حياة الشاعر الادبيه والشعريه واخلاق وصفات الشاعر ثم التطرق الى جزء من اهم واروع اشعار هذا الشاعر.
التوصيات:
ارجو ان يحوز هذا البحث المتواضع اعجاب من يطلع عليه والاستفاده والإتعاظ من حياة الشاعر الأدبية بالإضافة الى ما كان يتميز به هذا الشاعر من اخلاق عالية وذكاء حتى استطاع التفوق على اقدم الشعراء العرب المبجلين.
الكتب:
*أعلام الشعراء العباسيين
الطبعة: 259
للمؤلف:سلمان هادي الطعمة.
منشورات دار المعارف الافاق الجديده. بيروت.
*موسوعة عباقرة الأسلام (في العلم والفكر والأدب والقيادة).
للمؤلف: الدكتور محمد أمين فرشوخ.
دار الفكر العربي. بيروت.
*الجامع في تاريخ الأدب العربي.. الأدب القديم.
للمؤلف: حنا الفاخوري.
*كتاب تاريخ الأدب العربي.
للمؤلف: أحمد حسن الزيان.
الهامش:
اشتملت مجموعة الكتب التي تم البحث فيها على معلومات غنية عن حياة الشاعر وأدبه وشعره ، كما احتوى بعضها على مجموعه وافرة من قصائد الشاعر في شتى النواحي ( الغزل، المدح…الخ).
فتطرقت الى اخذ الخاتمة من بعض الكتب واخذ معلومات عن حياة الشاعر من كتب اخرى وحياته الشعرية من موقع الانترنت بالإضافه الى الاستعانه الى كتب اخرى.
………………..
وله هذه القصيدة الرائعة في شريف طيء :
البطن الثاني بحتر وهم ابناء عتود بن سلامان بن ثعل ومنهم الصحابي الجليل جابر بن ظالم ومنهم الشاعر ابو عباده البحتري الطائي الذي يقول
ان قومي قوم الشريف قديما وحديثا ابوة وجدودا
ذهبت طيء بسابقة المجد على العالمين باسا وجودا
نحن ابناء يعرب اعرب الناس لسانا وانضر الناس عودا
ان البحتري قد توفي في عام 248 للهجره وهو يتكلم عن قومه بهذه الابيات الشعريه وهو يورد ان قومه قوم الشريف يعني طيء وهذا يؤكد وجود شريف في طيء غير الشريف من بني هاشم من قريش
وهو محمد ابن الحريث( الحارث ) الشريف (شريف طيء) جد سنجارة (زوبع) من شمر
م/ن